هل ما زال الدينار يحكي ؟

في واحد من الأرقام الدولية المقارنة التي نشرت مؤخراً، احتل الدينار الأردني المرتبة السادسة عالمياً بين أغلى العملات أمام الدولار الأمريكي، كما احتلت ثلاث عملات عربية هي الكويتية والبحرينية والعمانية المراتب الثلاث الأولى، بينما وقع دولار دولة زيمبابوي في المرتبة الأخيرة أمام زميله وسميّه الدولار 
الأمريكي حيث يساوي الأول أقل من ثلاثة بالألف من الثاني


من زاوية نظر مالية شعبية فإن المركز المتقدم لدينارنا له أهمية نفسية كبرى، والناس عموماً يتندرون تجاه العملات ذات القيمة المتدنية، وفي الكوميديا الشعبية الأردنية قد يقول الأردني لصاحبه بأنه اشترى قميصاً بمئة ألف ليرة، فلا يصدقه الثاني، فيقسم الأول، لكن الثاني يستمر في تكذيبه الى أن يفصح الأول أنه يقصد مئة ألف تركي! فيتضاحكان. والملاحظ أن الأردنيين في تهكمهم تجاه العملات الضعيفة يجمّدون أو يحيدون العنصر 
الكمي ومستوى الدخل من هذه العملات

.
لكن المحير شعبياً انه ورغم أن الدينار لا يزال (شخصياً) يتمتع بمركز جيد، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعاً في المرتبة الشعبية لقطع النقد المتداولة، وذلك ابتداءاً من الدينار الواحد منفرداً وصولاً الى قطعة "ام الخمسين" التي بدأت قبل 12 عاماً كقطعة مبجلة لدرجة أن الصحف نقلت ذات يوم خبراً عن رئيس وزراء يقدمها كعيديات.

إن مصدر الحيرة الشعبية يكمن في شعور الناس بأن العملة الوطنية مستقرة، وشعورهم بالمقابل بأن قيمتها بين أيديهم غير مستقرة، وهو ما أدى الى وضع مالي نفسي غريب، حيث يبتهج الأردنيون بالدينار "المجرّد" أكثر مما يبتهجون بالدنانير الملموسة.

هل يمكن أن تشكل فكرة الدينار المجرد والدينار الملموس إسهاماً محلياً في النظريات المالية والنقدية ؟