حق علينا أن نبارك للشعب المصري تحرره من الاستبداد والقمع، وقد توجت الثورة المصرية ثورة 25 يناير بانتخاب الدكتور محمد مرسي رئيساً لجمهورية مصر العربية عرب انتخابات نزيهة، انتهت بانتصار إرادة الشعب وحقه الأساسي في انتخاب من يحكمه وفق برنامج يحظى بثقة الغالبية من المواطنين.
ففي الوقت الذي أعلنت فيه نتائج انتخابات الرئاسة المصرية بفوز د. مرسي، عمّت الفرحة والبهجة والسرور جماهير الأمة العربية على امتداد تواجدها، فرحة نابعة من الأعمال، كيف لا وهي الانتخابات الحرة النزيهة الأولى ليس في مصر فحسب، بل في جميع الأقطار العربية، مما يدفعنا إلى تهنئة أنفسنا بنجاح العملية الديمقراطية.
وعلى النقيض من ذلك تمثل مواقف العديد من القادة الذين تمنوا، بل إن بعضهم عمل بطرق مباشرة أو غير مباشرة على دعم أحمد شفيق الذين اعتبروه امتداداً لعصر مبارك والسادات الذي اتسم بالقمع والفساد ومصادرة الحريات، وهذا ما تتسم به أنظمتهم إلى حد كبير، وذلك لإدراكهم أن نجاح العملية الديمقراطية ونجاح الشعب بفرض إرادتهم بأنها ستنعكس على شعوبهم، وبالتالي اهتزاز استقرار تربعهم على كراسي الحكم أن آجلاً أو عاجلاً.
لقد سبق الانتخابات الرئاسية الانتخابات التشريعية التي لم ترق نتائجها قوى سياسية واقتصادية، فعملت على حل مجلس النواب بقرار للمحكمة الدستورية، على الرغم من أن الاعتراض كان فقط على بعض النتائج من الثلث الذي تم انتخابه من المستقلين، فعمدوا إلى شمول القرار إلى كامل أعضاء المجلس، أملاً منهم بأن أي انتخابات جديدة ستفضي إلى إضعاف الحركة الإسلامية، التي بإمكانها إحكام سيطرتها على السلطتين التشريعية والتنفيذية لو أرادت ذلك وكانت هذه ضربة استباقية لقوى الثورة الشعبية بمكوناتها السياسية والشعبية والفكرية.
إن قوى الثورة المصرية بشكل عام والحركة الإسلامية بشكل خاص أمام تحد كبير يتمثل في:
- مدى قدرتها على تشكيل أوسع قاعدة سياسية تحكم وتدير الشؤون الداخلية والخارجية، وبذلك تكون قد عملت على إجهاض القوى التي تتربص بها وتحاول تخويف الجماهير والقوى الأخرى من أن الحركة الإسلامية هي حركة إقصائية.
- مدى قدرتها على ضمان وكفالة الحقوق الأساسية للإنسان، وخاصة حرية التعبير وحرية التجمع السلمي وضمان التعددية للأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني دون قيود أو عوائق.
- مدى احترامها لحريات الشخصية، وخاصة حرية المرأة في اللباس وذلك عملاً بالقاعدة الفكرية لا إكراه بل إقناع وهذا يعزز دورها.
- قدرتها على تحسين المستوى المعيشي للمواطن المصري، فهذا ما سيحكم المواطن عليه بمدى نجاح الحركة الإسلامية في قيادتها وتميزها عن أنظمة الحكم الاستبدادية البائدة.
- مدى قدرتها على النهوض باقتصاد مصر ومحاربة الفساد، ولها في التجربتين التركية والماليزية نموذجاً.
- مدى قدرتها على إعادة القضية الفلسطينية وهي لب وأساس الصراع مع الكيان الصهيوني إلى صدارة الاهتمامات على الأصعدة الإقليمية والعربية والإسلامية والدولية.
- أهمية تأكيدها الدائم التزامها بالخيار الديمقراطي عبر الانتخابات الدورية النزيهة كأساس للتداول السلمي للسلطة.
إن العيون العربية والإسلامية تشخص إلى التجربة المصرية، فهي التي بأدائها ستؤثر إيجاباً أو سلباً في المنطقة العربية بل على العالم الإسلامي.
وعلى الحركة الإسلامية وإنني على ثقة بوعيها أن هناك من يسعى وسيسعى إلى إفشالها وهناك من يتمنى فشلها وضعف الثقة بها، وهذا يستدعي أن تسعى بإصرار وتصميم لأن تكون النموذج الذي يحتذى الذي سيؤدي إلى تغيير حقيقي وإيجابي على الخارطة العالمية، بدلاً من أن نبقى أرقاماً دون أي مساحة حقيقية فاعلة في الحضارات العالمية.