تمنح توجيهات جلالة الملك للحكومة ومجلس الأمة بضرورة إعادة النظر بعدد مقاعد القائمة الوطنية في قانون الانتخاب وزيادة هذا العدد فرصة جديدة لمسار التطوير السياسي في الأردن بعد أن وقف في مرحلة حساسة اصابت الجميع بالإحباط والكآبة، باستثناء القوى المحافظة التي تريد تعزيز مكتسبات غير عادلة ونمط إدارة تقليدي.
خيار المصادقة على القانون تم اتخاذه على حساب خيار رد القانون من أجل منح الوقت للهيئة المستقلة للانتخابات للبدء السريع بتنظيم نفسها وعدم العودة إلى المربع الأول فهذا قانون مر بكافة المسارات الدستورية بالرغم من عدم قناعتنا به بينما جاء طلب الملك واضحا في عقد دوره استثنائية مخصصة لتعديل القانون وليس لإطالة عمر المجلس بدون فائدة.
من المؤكد أننا سننتقل الآن إلى مرحلة التنفيذ والتي ايضا ستتضمن الكثير من التفاصيل المعقدة والحوارات والمفاوضات مع القوى السياسية من أجل تسهيل وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية.
نأمل في وجود نسبة لا تقل عن 30 مقعدا في القائمة النسبية لنصل إلى 20% من كافة مقاعد المجلس.
هذا بالطبع ليس طموح القوى الديمقراطية ولكنه على الأقل بداية قد يتم البناء عليها في انتخابات قادمة.
المهم الآن هو خوض تجربة القوائم الوطنية سواء بالنسبة للمرشحين او الناخبين أو المؤسسات السياسية لأنها ستكون حافلة بالمحاولات الأولى التي قد تتضمن الأخطاء وهي أمور لا بد من تعلمها من أجل تجاوزها في المستقبل.
ليس واضحا حتى الآن مدى تأثير ذلك على توسعة المشاركة السياسية. جبهة العمل الإسلامي ما زالت تنتظر قرار مجلس شورى الإخوان المسلمين (ما هي قانون انتخابه؟) بالمشاركة في الانتخابات، وإلى حين ذلك أظهر تصريح صادر عن الشيخ حمزة منصور عدم وجود قبول بزيادة مقاعد القائمة الوطنية.
لا نعرف بالضبط ما الذي سيرضي الأخوان وربما هم لا يعرفون ايضا لأنهم لم يقدموا اي موقف واضح تجاه قانون الانتخاب ورفضوا المشاركة في أي نشاط حواري بشأنه ولكن يبدو أن خيارهم المفضل هو قانون 1989 الذي يمنح لهم أغلبية مقاعد لا تعكس نسبة التصويت.
ولكن البلد ليس رهينة للأخوان المسلمين ولا يمكن أن تبقى القوى السياسية الفاعلة الأخرى تربط مواقفها بمزاجية الإخوان حول القانون الذي يسمح لهم بتحقيق السيطرة على المجلس.
تدخل جلالة الملك منح فرصة جديدة من الأمل وبغض النظر عن الإحباط الشديد من تركيز الحكومة ومجلس الأمة على نظام الدوائر الضيقة باعتباره "حقا مكتسبا” فإن تجربة القائمة الوطنية المغلقة يجب أن يتم خوضها بكافة تفاصيلها الإيجابية والسلبية لأن هذه التجربة وحدها هي التي ستمنحنا الخبرة والمعرفة بكيفية تحسين قانون الانتخاب وتطبيقاته في المستقبل.