اخبار البلد : الخيارات لا تبدو سهلة أو بسيطة عندما يتعلق الأمر بالإختبار الأصعب الذي واجهه اليوم طرفا معادلة الحكم والشارع في النظام الرسمي وفي تنظيم الأخوان المسلمين فقد حسم العاهل الأردني الملك عبدلله الثاني في قرار يعيد إنتاج المشهد السياسي الداخلي أمس الخميس الإجتهادات عندما منح الحكومة والأخوان المسلمين فرصة البحث عن ملاذ وإتفاق سياسي جديد.
الملك أصدر قرارا مزدوجا وفقا لبيان صادر عن مؤسسة الديوان الملكي يتضمن المصادقة على قانون الإنتخاب الجديد الذي أعلن الإسلاميون رفضه وإصدار الأوامر بالوقت نفسه للسلطتين التشريعية والتنفيذية لإجراء تعديل على القانون يوسع ويزيد من القائمة الوطنية أملا في خلط نظام الصوت الواحد سيىء السمعة والصيت.
وحتى يبقي الباب مفتوحا أمام الحوار مع المعارضة صادق الملك على قانون الإنتخاب وأمر بتعديله في دورة إستثنائية خاصة مطلع الشهر المقبل وتحديدا في المساحة المخصصة لقواعد القائمة الوطنية في تجاوب واضح مع مطلب المعارضة الإسلامية.
وقال بيان الديوان الملكي مباشرة بأن الهدف من التعديل هو توسيع قاعدة القائمة الوطنية مشيرا الى ان المصادقة على القانون الذي رفضته قوى الشارع والحراك كانت ضرورية حتى تتمكن الهيئة المستقلة لإدارة الإنتخابات من الإستعداد لعملها.
ونادرا ما تشرح مؤسسة القصر الملكي سياساتها وإتجاهاتها للرأي العام كما حصل أمس في التعامل مع إحدى القضايا الأكثر إثارة للجدل في الواقع السياسي المحلي.
ومن المرجح حسب محللين سياسيين بأن الإجراء الملكي يطلق الضوء الأخضر لمحاولة تأسيس صفقة مع الإسلاميين وهذه الصفقة بكل الأحوال لا يمكن تحديد ملامحها مبكرا لإنها ستغرق الطرفين في مفاوضات معقدة لتحقيق مكاسب بعدما أطاح جلوس التنظيم الأخواني على كرسي الرئاسة المصري بكل القواعد والقوانين المكتوبة وغير المكتوبة في معادة السياسة الداخلية الأردنية.
وأغلب التقدير أن التيار الإسلامي سيسعى للإستجابة لدعوة مؤسسة الحكم الضمنية للتحاور حصريا على ملف قانون الإنتخاب وترك مسألة التعديلات الدستورية للحالة البرلمانية الجديدة التي يتوقع أن تكرسها الإنتخابات المقبلة.
الطرف الرسمي لا يبدو مستعدا لتقديم تنازل يزيد عن رفع عدد القائمة الوطنية في القانون من 17 إلى 27 مقعدا في برلمان المستقبل الوشيك حتى يصبح عدد الأعضاء 150 عضوا ويتمكن الإسلاميون بالتالي من الجلوس على نحو 40 مقعدا حسب التقديرات الرسمية الباطنية.
الإسلاميون من جهتهم طرحوا مبكرا مطلبا يتمثل في رفع القائمة الوطنية إلى 50 مقعدا على الأقل لكن أوساطهم ترجح إمكانية التفاوض على عدد يقل عن ذلك مع سعي السلطة لبقاء قاعدة الصوت الواحد التي تضمن للإسلاميين عمليا حضورا لا يزيد بأحسن الأحوال عن 25 مقعدا من أصل 150 إذا رفع العدد.
يعني ذلك أن الصراع على الكراسي والمقاعد البرلمانية فالتيار الأخواني لم يعد يخفي طموحه بتشكيل 'حكومة أغلبية برلمانية' بعد موجات الربيع العربي و'القدس العربي' سمعت مباشرة الشيخ علي أبو السكر رئيس شورى جبهة العمل الإسلامي يسأل: نحن حزب سياسي لماذا لا نشكل حكومة ومحكم بالأغلبية؟
بعيدا عن أبو السكر قالها القيادي المخضرم في التيار الأخواني عبد اللطيف عربيات عندما صرح قائلا: لا يوجد من هم أجدر منا وأكفأ منا للحكم والإدارة في الأردن.
وفيما يعلن الإسلاميون بوضوح سعيهم لأغلبية تؤهلهم لقيادة السلطة التنفيذية تسعى الدولة لإشراكهم في عملية إنتخابية تنتهي بكتلة صلبة وواسعة لهم لا تؤهلهم للأغلبية لكن أوساط القرار تؤكد بان الإشكال أبعد من ذلك فحتى وجود ثلث المقاعد بحضن الإسلاميين سيكفل لهم التحكم تماما بعملية التشريع والسيطرة على المجريات فهم خلافا لنواب الحكومة والثقل العشائري يحضرون بكثافة كل الإجتماعات ويتنشطون في كل اللجان ويقودون العملية فيما لا يلتزم الآخرون بقواعد الحضور والمشاركة.
رغم ذلك يبرز بصيص أمل سياسي بإمكانية الإستدراك وإنتاج طاولة 'تحاور' مع الإسلاميين الذين يتصل بهم حاليا مسؤولون من ثلاثة أطراف في الحكومة والمؤسسة الأمنية والقصر الملكي في حلقة تواصل غير رسمية يبدو أن بين نتائجها إستقبال خالد مشعل في عمان بدون شروط للمرة الثانية في أقل من ستة أشهر.
على الأقل هذا ما يفكر به البعض في الطرفين لكن نهايات النجاح في إنضاج الصفقة مفتوحة على كل الإحتنالات.