حكمة الملك وتوقعات الشعب الكريم


لسنا بصدد ترديد ما بات أمرا واضحا للجميع بما يتعلق بقانون الانتخاب الأردني الجديد، والذي نال إقرارا من جانب مجلسي النواب والأعيان بالموافقة المستعجلة على طريقة التبصيم بالعشرة أو بالعشرين أو بالخمس وعشرين، والذي لا يختلف كثيرا عن قانون الصوت الواحد، بالرغم من أنه جعل للناخب صوتين اثنين، أحدهما يسهم في فرز 123 نائبا شعبيا، والآخر ينتج 17 نائبا عن الوطن، أي ما مجموعه 140 نائبا بشكل عام.

ولكننا بصدد توضيح نقطة تتعلق ببعد آخر من زوايا الهم الأردني، وهي التي تتمثل في عدم رضا شرائح كبيرة وواسعة من نسيج الشعب الأردني عن هذا القانون الانتخابي الجائر، إذ أن هذا القانون الذي بات مفروضا على الشعب فرضا، كان سيؤدي إلى مزيد من الاحتقان في الشارع الأردني المحتقن أصلا بما فيه الكفاية، ذلك أنه كان سيلقى معارضة ومقاطعة كبيرتين وواسعتين، مما يجعله ينتج مجلسا نيابيا ضيعفا لا يمثل ألوان الطيف الأردني تمثيلا حقيقيا أو واقعيا.

ولعل ما نقصده هنا، هو الإشارة إلى الحكمة التي اتصف بها القائد الأردني المحبوب وهو يلبي نداء الشعب الكريم بأن ينقذه من شر تغول مجلسي النواب والأعيان، وأن يخلصه من التداعيات والتبعات المحتملة لهذا القانون العجيب، بشكل مسبق وقبل أن تقع، خاصة وأنه يبدو أن الحكومة العادية المؤقتة بقيادة الحرس القديم المحافظ لم تستمع لنصائحنا الذهبية في مقالة سابقة لنا بعنوان "طريقك وعرة يا فايز" وذلك بضرورة عدم المضي قدما في رفع وشعللة الأسعار.

قرار ينم عن منتهى الحكمة اتخذه الملك الأردني، تمثل في رد القائد المحبوب لقانون الانتخابات المجحف، أي تمثل برفضه لذلك القانون، مما يشكل إنصافا من لدن الملك للشعب الكريم، بل وربما يشكل صفعة للذين استعجلوا بالتبصيم لإقرار ذلك القانون من أعضاء مجلسي النواب والأعيان على حد سواء.

إذن، يتوقع الشعب الأردني الكريم انعقاد جلسة برلمانية استثنائية مستعجلة تقوم بتعديل النظام الانتخابي في البلاد، لتخرج بنظام وقانون انتخابي يكون من شأنه تمثيل كافة ألوان طيف الشعب الأردني الكاظم الغيظ والقابض على الجمر والصابر على المر، تمثيله بشكل يكون أقرب إلى العدالة الاجتماعية، ويكون ملبيا للمطالب الشعبية العادلة، وذلك سعيا إلى تشكيل الحكومات المقبلة تشكيلا انتخابيا فعليا وحقيقيقا.

وكل ذلك يتطلب ضرورة إجراء التعديلات الدستورية التي تؤدي في نهاية المطاف إلى قيام الشعب الكريم بتشكيل حكومته المنتخبة، وعند إذ، لا يبقى الشعب يشعر بالغبن أو يكون مضطرا إلى الترجي أوالتوسل عند أبواب الحكومات العادية غير المنتخبة، بل يقوم الشعب نفسه بنفسه بمحاسبة الحكومات المنتخبة حسابا قد يكون عسيرا، ما لم تكن خطوات الحكومات المنتخبة وتخطيطاتها تصب جميعها في الصالح العام للوطن والمواطن.

بقي القول إننا ننصح الحكومة العادية الحالية الموقتة وغير المنتخبة أن ترعوي، وأن لا تحاول إلهاء الشعب الكريم الكاظم الغيظ والقابض على الجمر والصابر على المر، وذلك عن طريق تلاعبها برفع أو بلهلهبة الأسعار أو عن طريق ألاعيبها نحو إفقار وإشغال الشعب الكريم بلقمة العيش، بحيث ينسى المطالبة بالإصلاح وبالتعديلات الدستورية نحو ملكية دستورية في البلاد، تكون تماما كالملكية الدستورية التي تطبقها بريطانيا أو تطبقها أي دولة متحضرة ومتقدمة ومتطورة أخرى.

ثم إنه لمن العجب العجاب في زمن الربيع العربي، بل وفي زمن الربيع الأردني-الساعي نحو التغيير والإصلاح والديمقراطية الحقيقية- أن يتولى رئاسة الحكومة العادية المؤقتة وغير المنتخبة من هو بالتاكيد كريم من كرماء، ولكنه يوصف بكونه من ضمن الحرس القديم القديم، ويكمن العجب هنا في مدى ملائمة الأخ الفاضل فايز الطروانة لتسلم راية الإصلاح في هذا الوقت العصيب وفي هذه المرحلة الدقيقة، وإن كان ذلك لوقت قصير، فها هو يبدو وكأنه بدأ يقود الدفة على طريقة الحكومة العادية المخلوعة برئاسة معروف البخيت أو بطريقة أكثر تهورا على درب زلق، وهنا تكمن حكمة الملك في توجيهه دفة الإصلاح نحو المسار الصحيح، وذلك كلما شعر القائد المحبوب بأن ضيما أو ظلما أو افتآتا أوشك أن يقع على عباد الله في البلاد.
*إعلامي أردني مقيم في دولة قطر.
رئيس وزراء حكومة الظل الأردنية
Al-qodah@hotmail.com
رابط الصورة الشخصية لكاتب المقال:
http://up.arab-x.com/Dec11/9Lg62612.png