مواكب الحوادث


ظاهرة غريبة لا أستطيع تفسيرها وفق أسلوب عقلي ، لعدم توافقها مع العقل السّليم ، فهي تسبب الإزدحام بالمسير ، وتعمل على إحداث الإرباك والفوضى في أغلب الأوقات التي نعيش . 

إنّها عدة ممارسات خاطئة ، يرتادها الكثيرون من أبناء الوطن المخلصين ، فمقصدهم طيّب ، ولكنّهم لا يدركون عواقب ما يفعلون .
إنّها مواكب الأفراح والخريجين ، بالإضافة إلى ظاهرة أخرى وهي التّجمهر عند الحوادث المرورية سواء أكان الحادث بسيطا أم مدمّرا . 

أمّا بالنسبة إلى مواكب الأفراح والخريجين ، فلا أحد يمنع الآخرين من الفرح والسرور ، ولكن هنّاك حريات للآخرين تنتهك بالعديد من التصرفات والممارسات ، فتذكّر دائما أنّ : " حريتك تنتهي عندما تبدأ حريّة الآخرين ". 

فالطريق ملك للجميع ، فقد تسبب الإرباك في إغلاقه ، أو قد تؤدي إلى وفاة في ارتياده بالطريقة العشوائية التي نلاحظ ونرى في مختلف شوارع المملكة ، وبالتحديد في فصل الصّيف حيث تكثر المناسبات من أفراح وتخريج في مجتمعنا الحبيب ، فافرح كما تريد دون أن تتسبب في إغلاق الشّوارع والطرقات وهذا واجب عليك لإظهار صلاحك بالمجتمع ، فالمواطن الصالح هو من يتجسد ما بقلبه وما على لسانه بتطبيق للعمل بالحياة الواقعية.
كم من حالة وفاة حدثت بسبب إغلاق للطريق بموكب أفراح في شارع رئيسي فيسير الموكب وكأنّه المالك الوحيد للطريق ،فالمصاب بدلا أن ينقل إلى المستشفى ينقل إلى المقبرة ، ولا شكّ أن الأعمار بيد الله إلا أنه علينا الأخذ بالأسباب .
أمّا بالنسبة إلى التّجمهر عند حوادث السير في مختلف الطرقات ، فهي قضية شائكة ، لها أضرارها الكثيرة ، فالشارع يغلق إبتداء ، ويحدث الإزدحام المروري هذا في أبسط الأمور ، أمّا وكونهم أيضا قد يسببون بتصرفاتهم اللاإرادية والدافعة إلى تقديم المساعدة النابعة من الأصل الطّيب لمختلف المواطنين الإرباك في عمل المختصّين من نشامى الدفاع المدني أو الأمن العام ، ممّا يسهم في تعطيل العملية العلاجية حتى وإن كانت لحظات ، وفي بعض الوقت قد يسبب ذلك زيادة في الإصابة الناتجة من الحادث ، لاسيّما إن تمّ تحريك المصاب بطريقة خاطئة ممّا يسهم في زيادة أثر الإصابة الناجمة .
فإن كان الدافع للمساعدة وتقديمها عملا طيّب ، إلّا أنه قد يسبب العديد من المشكلات ، فلذلك تجنبه أفضل وأحكم إن لم تكن من أصحاب الخبرة والإختصاص.
فهل ستبقى هذه الظّواهر السلبية في المجتمع ، أم أنّ العقلاء و المخلصين سيعملون على إنهائها وإجتثاثها من الجذور ؟!
إنّ الرّقابة يجب أن تكون ذاتية نابعة من الضمير ، وهذا يجب أن يغرس لدى الأبناء منذ التنشئة في مرحلة الطفولة ، فهو واجب على المجتمع بأكمله لنصل إلى ضالة الطريق التي طالما بحثنا عنها ، ساعين للوصول إلى مرادها ، فهي الخير الذي نتمنى ، إنّه العلوّ والإرتقاء في مختلف المجالات ، للنهوض بالوطن ، بما ينعكس إيجابا على حياة المواطنين فيه ، بما يضمن سعادتهم وأمنهم .
فكن الرّقيب على نفسك وتصرفاتك ، ولا تكن ممّن بحاجة إلى رقيب .