هل يرد الملك قانون الانتخاب؟

لا فائدة من النزاهة اذا كان قانون الانتخاب غير مرض
وفرت الهبة الشعبية والحزبية المناهضة لقانون الانتخاب الذي أقره مجلس الامة مؤخرا مساحة للتفكير لدى اعلى مستويات القيادة للبحث عن حلول يمكن ان تمنع قيام حلف قوي يقاطع الانتخابات النيابية او يفرغ الانتخابات من محتواها الديمقراطي والاصلاحي.
حسب ما هو معروف فان مصادقة جلالة الملك على مشروع قانون الانتخاب كان تحصيل حاصل؛ لأن ما جرى من مناقشات في مجلسي النواب والاعيان كانت توحي بأن ثمة توجها عاليا للتسريع في اقرار القانون من دون تأخير.
وبناء على ذلك فان التوقع كان بأن تصدر الارادة الملكية بالمصادقة على القانون خلال 48 ساعة لكنها لم تصدر, الى ان جاءت مناشدات الاحزاب الوسطية الى جلالة الملك بعدم التصديق على القانون واعادته الى مجلس النواب لادخال تعديلات عليه وهو حق للملك كفله الدستور يمكن ان يمارسه الملك خلال ستة اشهر من وصول القانون إلى القصر.
ويبدو ان ردة الفعل غير المتسرعة التي تبناها حزب جبهة العمل الاسلامي ومن خلفه جماعة الاخوان المسلمين الذين بقوا حتى الساعة دون اعلان موقف لمقاطعة الانتخابات المقبلة بل اكتفوا بالقول بأن "القانون لا يشجع على المشاركة" ومضوا في المؤتمر الصحافي يوم الثلاثاء الماضي للقول "المقاطعة ليست من مبادئنا".
وهناك معلومات عن قناة خفية فتحت اتصالاتها بين الحكومة والاخوان المسلمين وسبقتها زيارات وزراء من الحكومة لعدد من القياديين وهو ما لطف الجو بين الطرفين وخفف الحراك في عمان.
ما تسرب من معلومات تشير الى ان هناك بحثا في مشروع القانون الموجود في القصر الملكي والسؤال المباشر المطروح هل يصادق الملك ام يعيد القانون الى مجلس النواب؟ واذا لم يصادق ما هي صيغة رد الملك وما هي حسنات ومساوئ الاحتمالين؟
يبدو ان الاتجاه يسير نحو رد القانون الى مجلس النواب لاجراء تعديل على المادة الثامنة وبالذات الدائرة الانتخابية على القائمة النسبية التي خصص لها 17 مقعدا, وذلك بزيادة تلك المقاعد.
ولا يستبعد النقاش فكرة اعطاء الناخب على مستوى المحافظة صوتين على ان تقسم عمان والزرقاء واربد الى ثلاثة دوائر انتخابية. وفي حال قرر جلالة الملك إعادة القانون إلى مجلس النواب فإن الامر لا يحتاج إلى اكثر من دورة برلمانية تستغرق اقل من اسبوع وتكون كافية للنظر في طلب جلالته.
مهما كان شكل قانون الانتخاب المقبل فان الاهم هو خطوة تدخل جلالة الملك في اللحظات الاخيرة كحكم بين المؤسسات وبين الاردنيين اذا ما اختلفوا أو تاهت بوصلتهم, وهي خطوة ستكون مقدرة من الاحزاب وخاصة الاسلاميين الذين ناشدوا جلالته التدخل ومنع إقرار قانون لا يحقق توافقا شعبيا مقبولا، لأن من الصعب حصول اجماع على قانون الانتخاب لأنه قانون خلافي بحد ذاته.
صحيح ان النية متوفره على اعلى المستويات لاجراء انتخابات حرة ونزيهة لكن ماذا تفيد النزاهة اذا كانت القوى السياسية الرئيسية غير راضية عن شكل القانون أو حتى مقاطعة لصناديق الاقتراع وما تأثير ذلك على عملية الاصلاح السياسي المنشود؟
ان اسلم الطرق هي البحث عن التوافق، وديناميكية الانظمة السياسية تقاس بمدى قدرتها على التكيف مع متطلبات مواطنيها وعدم القطع معهم. إنها ساعة الحكماء وليست ساعة الأقوياء.