قبل أن يصل أعضاء مجلس الأعيان الى بيوتهم بعد اقرار مشروع قانون الانتخاب تحت القبة اصدر الباحث الاردني في المعهد الاميركي «كارنيغي، الدكتور مروان المعشر تصريحا هاجم فيه النظام الانتخابي المضمن في مشروع القانون فقرأ القوم ان ذلك يعكس رأيا في الدوائر البحثية المقربة من وزارة الخارجية الاميركية.
والخارجية بالخارجية تذكر اذ تحدث وزير خارجيتنا أمام الاعيان قبل اربع وعشرين ساعة من اقرار القانون معتقدا أن الانتخابات المصرية ستسفر عن نجاح المرشح احمد شفيق وقد يكون هذا الاستنتاج هو ما كان سائدا في الأروقة، لذلك كانت عملية تمرير القانون من المرحلة العينية فائق السرعة وكأن ثمة من يريد أن تجري الانتخابات بلا توافق من كافة الاطياف بما فيها الحركة الاسلامية.
اذن ربما يكون الاستنتاج واقعيا حين نقرأ موقف المعشر باعتباره يعبر عن رأي مؤسسات بحثية اميركية مقربة من الخارجية الاميركية وقد تكون القراءة الرسمية للانتخابات الرئاسية المصرية تفتقر الى معلومات ربع الساعة الاخير بين المجلس العسكري والاخوان المسلمين والسفارة الاميركية في القاهرة مما احدث تغييرا جذريا في المشهد وهو ما لم تأخذه القراءة الواقعية بعين الاعتبار لذلك بني الموقف من قانون الانتخاب استنادا الى معطيات اقليمية لم تكن دقيقة..
الان هناك اصوات تطالب بإعادة النظر بالقانون وفق اكثر من سيناريو منها اعادته الى النواب مسببا من لدن مؤسسة العرش وهناك سيناريو اخر يتصل في امكانية ادراجه على جدول اعمال الدورة الاستثنائية المقبلة بما يفتح المجال لادخال تعديل على المادة 8 من القانون والمتعلقة بالنظام الانتخابي الذي قد يرفع عدد الاصوات من واحد للدائرة الفردية الى صوتين مع زيادة محدودة على كوتا القائمة الوطنية..
ايا يكن فان القراءات الرسمية أغفلت عدة اشياء في غاية الأهمية ولعل في مقدمتها المكانة المعنوية للمؤسسة التشريعية بغرفتيها الاعيان والنواب فالضبابية خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية عكست انطباعا مفاده ان طبخ القوانين لا يجري فقط في اروقة المؤسسة التشريعية فهل هذا الانطباع يعكس الواقع الفعلي؟
للوهلة الاولى يمكن استنتاج مثل هذا الانطباع لكن من يقرأ الدستور جيدا يعرف ان الملك شريك في السلطة التشريعية وليس محطة بروتوكولية لاقرار القوانين فدور الملك التشريعي لا يقتصر على توشيح القوانين بارادته السامية فقط بل ويمكن له دستوريا أن يعيد القانون مسببا بما يفتح الباب مجددا لاغناء التشريعات واعطائها عمقاً ويجعلها أكثر قبولا.
قد تكون القراءات الخاطئة أو قليلة المعلومات قد أفضت الى انتاج قانون بصورته الحالية لكن التبدل والتطور في المشهد الاقليمي سواء في مصر أو لدى الجارة الشمالية قد يكون محفزا على انتاج قانون انتخاب يحقق التوافق الوطني باوسع اشكاله وهو ما ننتظر مآلاته قريباً.