هذا ما يحتاجه «الإخوان»!

يحتاج الإخوان المسلمون ،إنْ عندنا هنا في الأردن وإن في مصر وإن في أي بلد آخر، إلى من ينتقدونهم ويتحدثون معهم بصراحة ويدلونهم على أخطائهم وليس الى أرتال «المؤلفة قلوبهم» الذين اعتادوا ركوب موجة أي جهة تصبح موجتها مرتفعة والذين دأبوا على الانحياز الى الكفة «الطابشة» والى الوقوف في المساحات الرمادية ليسهل عليهم الانتقال وبسرعة الى من يعتقدون أن مقاليد الأمور أصبحت في يده وأنه امسك بالسلطة ولن يُفلتها حتى يوم القيامة.
إن من يعتبر الإخوان المسلمين سابقاً والآن ولاحقاً مكونا اجتماعيا له حضوره ووجوده عليه أن يواجههم بالحقائق وأن يقول لهم ،وبخاصة وهم يعيشون نشوة الإنتصار التي عاشتها قبلهم اتجاهات كثيرة، إن عليهم أن يبادروا وبسرعة الى التخلي عن قديمهم ،إنْ تنظيمياً وإن توجهات سياسية، وأن يتلاءموا مع هذا الجديد الذي لم يبدأ بالانتصارات التي لا تزال متأرجحة التي أحرزوها في مصر وإنما بثورة الياسمين في تونس وبإطاحة ذلك الديكتاتور الأرعن والكريه معمر القذافي وإطاحة علي عبد الله صالح وبهذه الثورة السورية المجيدة التي ستُزيل هذا النظام.
والمفترض أن «الإخوان» يعرفون أنه ليس في قديم الزمان وسالف العصر والأوان وإنما في مرحلة ماضية قريبة كانت رحال الإنتهازيين والكسبة تُشد الى بغداد في ذروة المذابح التي كان يتعرض لها كبار قادة «البعث» على يد رفيقهم أو على أيدي رفاقهم وأن «أحدهم» وهذا معروف جداً قد إدعى ذات يومٍ أنه شاهد صورة صدام حسين على القمر وأن آخر وهو معروف أيضاً لم يستطع أن يتمالك نفسه فبادر الى هزِّ أردافه طرباً أمام بشار الأسد ،هذا ما غيره، عندما توجه إلى الإردن بكلام استهزائي يتعلق بالشعار الذي رفعناه وسنبقى نرفعه :»الأردن أولاً».
كان على «الإخوان» أن يدققوا جيداً في تعبيرات وجوه بعض الذين سارعوا لتهنئتهم حضوراً في مركزهم «الشامخ» في منطقة العبدلي ليروا كم تطفح به عيون هؤلاء ، وحقيقة أنه بدل هذه المهرجانات التي سارع الى المشاركة فيها الذين في كل عرسٍ لهم قرص كان على «إخواننا» هداهم الله أن يسعوا هم الى لقاء عاجل مع الحكومة ومع كل ما يعتبرونه مواقع مسؤولية واتخاذ القرارات في هذا البلد وأن يكون عنوان كل لقاء ليس العتاب الفارغ وإنما المصارحة الشديدة ووضع كل الأمور التي تُعتبر عالقة على طاولة التدقيق والمراجعة.
وكان على «الإخوان» ،بدل إشغال وقتهم بالاستماع الى قصائد الثناء التي جاء بها الى مراكزهم والذين اعتقدوا أن كل شيء سيصبح عاليَه سافله وأن عليهم أن يسارعوا الى التسوق قبل أن ينتهي موسم التسوق، أن يوجهوا دعوة لكل أصحاب الرأي ليس فقط الذين يبصمون على كل شيء يقولونه وإنما الذين يعارضونهم الرأي ليسمعوا منهم وليسمعوهم وليحددوا في ضوء ذلك ما يجب أن يصبح خريطة طريق لهم في هذه المرحلة الجديدة.
هناك حكمة كان قالها فلاديمير إليتش لينين الذي هو مُنظِّرُ الثورة البلشفية والذي بالتأكيد يكرهه الإخوان المسلمون ويكرهون حتى سماع اسمه وهذه الحكمة تقول :»افتحوا أبواب الحزب أمام طالبي عضويته أيام المحن والشدائد وأغلقوها أما هؤلاء أيام الرخاء.. وبعد الوصول الى الحكم والسلطة».. وهذا يعني أنه على الإخوان المسلمين هنا وفي مصر وفي كل مكان أن يتوقعوا «إندلاقاً» عليهم لا إيماناً بهم وبأفكارهم وإنما بحثاً عن مقعد في مركبهم الذي يظن «نهازو» الفرص أن إيجاد مقعد لهم فيه سيفتح أمامهم أبواب جنان الدنيا وليس جنان الآخرة وإن عليهم هم أيضاً إغلاق أبوابهم أمام المتكسبين سياسياً.
إن الأمور حتى في مصر لا تزال غير واضحة كل الوضوح وهناك في علم الثورات شيءٌ اسمه الثورة المضادة ثم وإن هناك حكمة تقول :»لو أنها دامت لغيرك فلما وصلت إليك»... ولهذا فإنه على «الإخوان» ألاّ تأخذهم العزة بالإثم وأن عليهم أن يدركوا أن الحركة القومية كانت لها السيطرة الكاملة على مدى عقود خمسينات وستينات.. وأيضاً سبعينات وثمانينات القرن الماضي لكنها قد انحسرت كل هذا الإنحسار وكانت نهايتها هذه النهاية المأساوية لأنها عَادَتْ من كانوا ينتقدونها واحتضنت من كانوا يزمرون ويطبلون لها.. واللهم اشهد!!.