هل البلد «فلتانة»؟

الوضع يشبه تماما، بيت (أبو يحيى).. يسكن بشبه «برّاكية» متهالكة لا أبواب ولا شبابيك ولا جدران حقيقية لها، ومع ذلك يسعى جاهدا ان يضع فوقها القرميد الثقيل و الفاخر..
***
كل تركيزنا يبدو منصبّاً هذه الأيام على قانون الانتخاب، وثمة سباق مجنون مع الزمن حول إجراء انتخابات نيابية قبل نهاية العام، وكأن (الانتخابات) سوف تبرئ الأكمه والأبرص، وتحيي الموتى، و»تسوكر» الاصلاح وتخفض الأسعار، وتوفر مصدرا رخيصا للطاقة، وتضخ المياه في المواسير العطشى وستحل الفقر والأهم من كل ذلك تقضي على الفوضى...
***
من لا يرى من الغربال مستغرب أمره والأمور في هذه اللحظة في طريقها إلى مجهول.. لم يبق حي أو حارة أو شارع إلا وشهد تطاولاً على القانون، ومحاولات لتكسير هيبة الدولة بكل الطرق واحسب ان هذا التراخي صار مقصوداً لتمييع وقار الدولة وتقزيم جهود المؤسسات التنفيذية وذلك تمهيداً «لحلقة غير مفهومة»..تخيلوا لم يعد يستطيع شرطي السير مخالفة أي مركبة متوقفة في مكان خطأ، او يقوم بتوقيف أزعر سكران يهدد المارة، كما لا تستطيع الدولة بكل أجهزتها المدعومة بـ (الأغاني الحماسية) ان تعتقل بلطجيا واحدا يفرض الخاوات على المحال التجارية، تقول الأرقام ان هناك أكثر من 180 ألف مطلوب للتنفيذ القضائي على جرائم مختلفة خارج أسوار السجن...ولا أمل ان يدخلوه ابداً.. ناهيك عن التخريب غير المبرر، والاستقواء، والمزاجية «اللي بلا طعمة»، بالإضافة إلى أمراضنا النفسية التي صرنا نحملها للبلد...
عندما لا تستطيع الدولة ان تأخذ الحق لصاحب الحق يبدأ «الفلتان» ويبدأ قانون العضلات يبرز وينتفخ على حساب شرعية الوطن عندها سنعود رغماً عنا الى المجتمع البدائي غزوات وثارات وكرّ وفر وربما حرب أهلية..
ما أود سؤاله الآن، هل يعرف اللاهثون وراء اجراء الانتخابات النيابية ان الدولة لم تعد قادرة على تطبيق قوانينها وأن «حارة كل من ايده اله» كبرت وصارت عامةً؟! هل يعرف انه لا يمكن إجراء انتخابات – بغض النظر عن القانون سيئ او جيد- في ظل هذه الظروف من الــ»طعة وقايمة».. وان أي خاسر سوف يقوم مناصروه بحرق الدنيا بما فيها..
بحسبة «عجايز» تخيلوا لو نزل 500 مرشح فقط في كل الاردن..سينجح منهم 140..وسيخسر الانتخابات 360...اذا سيكون لدينا على الاقل 360 من احداث التكسير والحرق وقطع الشوارع واقتحام المؤسسات الرسمية كلها تجري في آن واحد وبتوقيت واحد مما يعني القضاء تماما على مقدرات البلد في 24 ساعة... وبهذا نكون قد كسبنا برلمان «يضم 140 عضواً» وخسرنا وطناً يضم «6 ملايين مواطن»..
يا أبو يحيى.. زبط الوضع.. بعدين حط «قرميد».. والله السقف بده تصليح!!