وزير المالية: 800 مليون دينار فاتورة التهرب الضريبي السنوية في المملكة
اخبار البلد :
قدّر وزير المالية سليمان الحافظ حصيلة الإجراءات الحكومية الأخيرة حيال أسعار بعض السلع والخدمات الأساسية بحوالي 300 مليون دينار.
وبرر الوزير، في لقاء حواري في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، قيام الحكومة برفع سعر البنزين 90 بأنه في البداية حصر الرفع في البنزين اوكتان 95 ، الذي كان الاستهلاك اليومي منه يصل إلى حوالي 550 طناً، وفوجئت الحكومة بعد الرفع أن الاستهلاك تدنى إلى 90 طناً فقط. وبمعنى آخر فإن المقصودين من الرفع انتقلوا من استخدام البنزين غير المدعوم إلى البنزين "المدعوم" حسب وصف الوزير.
و قال ان الإجراءات الأخيرة لا تغني عن برنامج وطني شامل للإصلاح. يجب ان يتصدى للقضايا الأساسية التي يواجهها الاقتصاد الأردني مثل العجز التجاري وميزان المدفوعات، والعجز الداخلي الماثل في الموازنة و المديونية، و كذلك مشكلة البطالة التي تحل بمزيد من الاستثمار.
و شدد الحافظ على ضرورة دراسة ظاهرة التهرب الضريبي و أشار في هذا الصدد الى ان تقديرات التهرب الضريبي في الأردن تقدر بحوالي 800 مليون دينار، و لا بد من وضع حد لها. مؤكداً ان قانون ضريبة الدخل بوضعه الحالي لا يمكن القبول به، ولا بد من انسجامه مع الدستور و تفعيل مبدأ التصاعدية فيه.
وقال ان تفعيل القانون و تطبيقه يجب ألا يحصر في متابعة الفساد و المفسدين فحسب، بل يجب ان يطال اولئك الذين تمتد ايديهم الى مواردنا الاساسية مثل الماء و الكهرباء و الهواتف، حيث يأخذون ما ليس حقهم، او لا يسددون الفواتير المستحقة عليهم.
وقدم وزير المالية عرضاً عن أوضاع الموازنة العامة، والتطورات المتتابعة التي رافقت وصول العجز الى أكثر من 10 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي، واحتمال بلوغ الدين العام في نهاية العام الى أكثر من 65 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي، او عبء مالي على كل مواطن يتعدى الـ 2200 دينار.
وأكد وزير المالية رئيس الفريق الاقتصادي للحكومة ان أوضاع الموازنة حتى عام 2006 كانت مطمئنة، وتسير وفق المؤشرات سواء من حيث نسب المديونية ومقدار العجز، وصاحب ذلك كله بالطبع معدلات نمو حقيقية تتجاوز 6 بالمئة والتي استمرت حتى عام 2009.
و أشار الى القفزات الكبيرة غير المتوقعة في أرقام الانفاق الحكومي حيث كانت الزيادات في الايرادات المحلية والخارجية قليلة مما ساهم في توسيع العجز وارتفاع المديونية.
واستمر هذا الامر حتى عام 2010 حين قامت الحكومة آنذاك بالتخلي عن فكرة تقديم اسعار المشتقات النفطية وربطها مع الاسعار العالمية. ولما ارتفعت أسعار النفط الخام ومشتقاته بعد ذلك، ازداد معها الدعم الحكومي فارضاً المزيد من الارتفاع في النفقات الحكومية، وتبع تلك المشكلة الانفجارات الكثيرة والمتتالية في خط انبوب الغاز الذي يزود الأردن بالغاز المصري والذي صار توليد الكهرباء في الأردن يعتمد عليه بنسبة 80 بالمئة .
وقد ساهم هذا الانقطاع في رفع كلفة توليد الكهرباء حيث إن كلفة انتاج الكيلو وات في الساعة ارتفعت من حوالي 85 إلى أكثر من 180 فلساً. وقد تحملت الموازنة اعباء هذه الارتفاعات.
وقال وزير المالية : ما رصد من دعم خارجي في الموازنة العامة لهذا العام كان يفوق الـ 850 مليون دينار، ولكن ما وصل الاردن حتى الآن لم يزد على 18 مليون دينار.
وازاء هذه الحقائق كلها فقد بات واضحاً ان ترك الأمور على حالها لا يمكن أن يكون حلاً، وأن القبول بالواقع السياسي المنحدر من اتخاذ قرارات مؤلمة سيؤدي إلى ترحيل المشاكل لا حلها، وإلى مضاعفة آثارها السلبية، وإذا كانت هنالك خشية أن يؤدي تخفيف الدعم وتقليل الانفاق إلى رفع الأسعار، فإن ترك الحبل على الغارب سيؤدي إلى تهديد خطير لفرص النمو، وجذب الاستثمار، ودعم المشروعات.
ودافع الوزير عن الاجراءات التي اتخذتها الحكومة في الآونة الاخيرة مؤكداً أن حصيلتها كلها لا تزيد على 300 مليون دينار حتى نهاية العام.
وبين أن الحكومة لم تُقدم على قرارات الرفع قبل أن تقدم المثل والقدوة فتبدأ بنفسها، ولذلك فإنها قررت أن تخفض الانفاق الجاري بنسبة 15 بالمئة ، وأن توقف المشروعات الرأسمالية المرصودة في الموازنة والتي لم يبدأ تنفيذها.
وقال: لقد جمدنا التعيينات الجديدة، وبدأنا في وقف الانفاق الا في الحالات القصوى في بنود السفر، واستخدام السيارات الحكومية، واستخدام وسائل الإنارة المرشدة لاستهلاك الكهرباء. وهذه الإجراءات لن توفر كثيراً من الانفاق العام، ولكنها تؤكد موقف الحكومة من أنها جادة في اتخاذ التدابير المانعة للهدر والموفرة في الانفاق.
وقال الحافظ: ان إجراءات تعديل الأسعار قامت على أسس متعددة، أولها وعلى رأسها ألا تطال هذه التدابير أصحاب الدخل المتدني والمتوسط وأن تحمل في طياتها سمات التكافل الاجتماعي، أي أن أصحاب الدخل العالي يدفعون أكثر حتى يعوضوا المبالغ التي يعفى من دفعها الفئات الأقل دخلاً وثراء.
وأكد أن رفع الاسعار راعى الحفاظ على مصالح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حتى نحافظ على زخم الانتاج. وتابع: لقد راعينا في هذا الرفع كذلك الجوانب القطاعية، حيث ترتفع الكهرباء على شركات الانتاج الكبرى والمصارف. وكان دافعنا من وراء كل ذلك تحقيق العدالة الاجتماعية ودعم النمو، حيث إن إغفال النمو سيؤدي في الحصيلة إلى تراجع الإيرادات العامة.
وأكد الوزير أن ما يشاع أحياناً عن تأثر أصحاب المحال التجارية والمصانع الصغيرة برفع أسعار الكهرباء غير صحيح مؤكداً أن تحديد أسعار الكهرباء وضع بناء على دراسة للاستهلاك الكهربائي لهذه المحال وحصر رفع الاسعار بدءاً من هذه المعدلات فأكثر.
أما في ما يتعلق برفع أسعار البنزين، فقد أكد الوزير أننا في البداية وانطلاقاً من نفس المبادئ، قمنا بحصر الرفع في البنزين اوكتان 95، والذي كان الاستهلاك اليومي منه يصل إلى حوالي 550 طناً، وفوجئت الحكومة بعد الرفع أن الاستهلاك تدنى إلى 90 طناً فقط. بمعنى آخر فإن المقصودين بالرفع قد انتقلوا من استخدام البنزين غير المدعوم إلى البنزين المدعوم. ولذلك قامت الحكومة بعد ذلك برفع سعر البنزين أوكتان 90.
و قال: هذه الاجراءات لا تغني عن برنامج وطني شامل للإصلاح. و أكد ان هذا البرنامج يجب ان يتصدى للقضايا الاساسية التي يواجهها الاقتصاد الاردني مثل العجز الخارجي في الميزان التجاري و ميزان المدفوعات، و العجز الداخلي الماثل في الموازنة و المديونية، و كذلك مشكلة البطالة التي تحل بمزيد من الاستثمار.
وأشار إلى ان الحكومة تنوي مراجعة بعض القوانين الأساسية التي تحفز الحركة الاقتصادية و النمو. و يأتي في المقدمة قانون تشجيع الاستثمار الذي يؤمل عرضه قريباً على مجلس الامة في الدورة الاستثنائية التي من المتوقع ان يدعى الى عقدها قريباً.
و أكد ضرورة دراسة ظاهرة التهرب الضريبي و أشار في هذا الصدد الى ان تقديرات التهرب الضريبي في الاردن تقدر بحوالي 800 مليون دينار، و لا بد من وضع حد لها.
و قال : تفعيل القانون و تطبيقه يجب ألا يحصر في متابعة الفساد و المفسدين فحسب، بل يجب ان يطال اولئك الذين تمتد ايديهم الى مواردنا الاساسية مثل الماء و الكهرباء و الهواتف، حيث يأخذون ما ليس حقهم، او لا يسددون الفواتير المستحقة عليهم. و اكد أن الحكومة بدأت باتخاذ الاجراءات الكفيلة بذلك.
و نوه إلى ان قانون ضريبة الدخل بوضعه الحالي لا يمكن القبول به، ولا بد من انسجامه مع الدستور و تفعيل مبدأ التصاعدية فيه. و تساءل عما اذا كان مبدأ التصاعدية يقوم على أساس الدينار الضريبي أم الدينار القطاعي. بمعنى آخر هل سيقوم تحديد النسب الضريبة التصاعدية على اساس الدخل بغض النظر عن مصدره، أم على أساس التفاضل بين القطاعات؟
و قال ان الحكومة كذلك اتخذت اجراءات مدروسة في عدد من القرارات التي كانت معطلة خوفاً من التعرض للاتهام مثل تفويض الاراضي لإنشاء الفنادق و الاستراحات السياحية على شاطئ البحر الميت و مشروع كهرباء الخربة السمراء ، وغيرها. و تابع: طالما القرار مدروس وعادل ويحافظ على الحقوق و يسير ضمن القوانين والانظمة فلا خوف أبداً من اتخاذ ذلك القرار.
و أكد الحافظ ان هناك مؤشرات ايجابية بدأت تظهر في الافق و نأمل ان نستثمرها الاستثمار السليم بالتعاون الوثيق مع القطاع الخاص و المجتمع المدني. و من هذه المؤشرات ارتفاع الدخل من السياحة خلال الخمسة أشهر الاولى ارتفاعاً ملحوظاً تجاوز نسبة الـ 8 بالمئة عن العام الماضي بالإضافة الى ارتفاع حوالات الاردنيين في الخارج وارتفاع في حركة قطاع العقارات.
وبعد انتهاء الوزير من العرض فُتح باب النقاش مع أعضاء المجلس الاقتصادي و الاجتماعي، حيث ثمن أعضاء المجلس هذا اللقاء. و في معرض رده على النقاط و التساؤلات التي اثيرت أكد الحافظ ان تخفيض نسبة الـ 15 بالمئة من النفقات الجارية لن تمس على الاطلاق الاموال المخصصة في صندوق المعونة الوطنية ، واشار الى ان صندوق تنمية المحافظات سيعنى بتقديم الدعم من اجل خلق اعمال جديدة في المحافظات و لن يقوم بأي من المشاريع الرأسمالية و التي هي من واجب الحكومة المركزية.
و أكد ان الحكومة ورئيس الوزراء يقدران دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي ، و لا تنظر اليه الحكومة كمؤسسة موازية للمؤسسات التشريعية و التنفيذية القائمة بل رديف و مكمل لها. و في هذا الاطار اتفق على ان يقوم المجلس الاقتصادي و الاجتماعي ، بصفته مستشاراً مستقلاً بدراسة مشروع قانون تشجيع الاستثمار و تقديم مقترحات عليه بالسرعة الممكنة قبل عرضه على مجلس الامة. كما طالب الوزير المجلس بتقديم مقترحات محددة حول قانوني ضريبة الدخل و ضريبة المبيعات بالإضافة الى المشورة العلمية المدروسة حول قضيتين أساسيتين تهمان الحكومة والمواطن الاردني وهما التهرب الضريبي ، و الآلية المثلى في توجيه الدعم لمستحقيه.
و اُتفق على التعاون الوثيق بين المجلس والحكومة في اعداد المشروع الوطني للإصلاح الاقتصادي، الذي يمتد لسنوات قادمة، كخارطة طريق للحكومات القادمة.
قدّر وزير المالية سليمان الحافظ حصيلة الإجراءات الحكومية الأخيرة حيال أسعار بعض السلع والخدمات الأساسية بحوالي 300 مليون دينار.