مكافحة الفساد متواصلة ولا حصانة لمسؤول

أصاب رئيس الوزراء د.فايز الطراونة في توصيفه لمكافحة الفساد ومحاربة الفاسدين واجتثاثهم وتقديمهم الى العدالة بأنها جزء مهم من عملية الاصلاح الشامل في الاردن, والاردنيون في غالبيتهم العظمى يشاركون الرئيس الطراونة هذا الرأي الذي كان جلالة الملك عبدالله الثاني ومنذ اليوم الاول لتسلمه سلطاته الدستورية قد اعتبر مكافحة الفساد اولوية على جدول أعماله الشخصي وان الوقت قد حان لأن يتم القضاء على هذه الآفة التي تصيب اضرارها القطاعات كافة وتسهم في تبديد الطاقات والاموال وتؤسس لفساد وافساد افقي وعامودي لم يعد احد في الاردن يبدي أي تسامح معه ولا بد من تجفيف منابعه والقضاء عليه.
من هنا جاء حديث الرئيس الطراونة يوم أمس في الكلمة التي افتتح بها اعمال المؤتمر الاقليمي حول دور سلطات العدالة الوطنية في تنفيذ اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد الذي تنظمه هيئة مكافحة الفساد وبالشراكة مع الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد, لتضع الأمور في نصابها الصحيح ولتضيء على حقائق المشهد الاردني الراهن الذي تقف على رأسها حقيقة ان عملية الاصلاح في الاردن لم تكن نتيجة للربيع العربي لانها ببساطة بدأت قبل ذلك بكثير وكل ما فعله الربيع العربي في بلدنا او انعكاساته انما اسهمت في تعجيل اخراج التعديلات الدستورية الجريئة والمتقدمة على دستور المملكة الذي صدر في العام 1952.
لم تتوقف عملية الاصلاح عند هذه التعديلات بل واصلت مسيرتها وتلاها قانون انشاء الهيئة المستقلة للانتخاب ثم قانوني المحكمة الدستورية والاحزاب واخيرا قانون الانتخاب الجديد الذي وافق عليه مجلس الامة بجناحيه النواب والاعيان وبات في انتظار صدور الارادة الملكية السامية بالموافقة عليه ونشره في الجريدة الرسمية كي تتوج مسيرة الاصلاح باجراء انتخابات نيابية حرة نزيهة قبل نهاية العام الجاري.
وكما يعلم كل اردني كما كل مطلّع على تفاصيل المشهد الوطني ان مكافحة الفساد تجري على قدم وساق وبلا توقف او تردد وعلى القاعدة التي ارساها جلالة الملك منذ ان اعطى الضوء الاخضر لاطلاق عملية المكافحة هذه وهي «ان لا احد فوق القانون ولا احد فوق المساءلة ولا حصانة لمسؤول» وقد تمت ترجمة هذه القاعدة عمليا وعلى ارض الواقع والنماذج والوقائع متاحة لكل من يريد الوقوف عليها.
ولعل ما يزيد الثقة ان الأمور تسير في الاتجاه الصحيح وأن زخم عملية مكافحة الفساد سيتواصل وهو ما اعلنه الرئيس الطراونة في كلمته وهي ان مزيدا من الفاسدين في طريقهم الى القضاء عقابا لهم على ما اقترفت ايديهم وردعاً لغيرهم من اصحاب النفوس المريضة.
قصارى القول ان العمل متواصل بدأب ومثابرة للوصول بالاردن الى مرافئ الامان وتكريس قيم ومبادئ النزاهة والشفافية واحترام حقوق الانسان وحرياته التي تصونها شريعتنا ودستورنا وقضاؤنا العادل المستقل المحصن رغم بعض التحديات التي تواجه وطننا وتمتحن قدرتنا على التحمل وهي بالتأكيد لن تثنينا عن السير حثيثاً وقدماً لتحقيق هذا الهدف النبيل وهو اجتثاث الفساد وتجفيف منابعه.