مرسي فوق الكرسي

لم يفز ( محمد مرسي ) فقط ..بل فاز أولادي ..فبعد الذي عاشوه قبل سنة و نصف في ميدان التحرير ..وبعد أن تابعوا –صغاراً – ترنيمة الشعب العربي (الشعب يريد إسقاط النزام ) ..وبعد أن سألتني بغداد ابنتي الكبرى : متى الحلقة الأخيرة من الأخبار ..؟ وبعد شهور عجاف من اللف و الدوران بين الميدان و المجلس العسكري ..ها هو ( محمد مرسي ) فوق الكرسي ويخرج كعنقاء الرماد ..ينفض الموت و الرماد عن جناحيه ويحلّق بالثورة فوق مصر ..بل فوق المقهورين في كل الوطن العربي الذين ما زالوا ينتظرون ..! بعد ذلك كله : أطفالي يحتفلون ..!
أنا لا أتكلم عن مرسي كشخص ..بل عن حالة اسمها ( الربيع ) بكامل خضاره و نضارته و حضارته ..عن دماء الشهداء التي لم تذهب هدراً للآن ..عن أولئك الذين يبحثون عن كرامة وسط الجوع و عن بلدٍ وسط الوطن وعن أنفاس طبيعيّة وسط اللهاث ..!
تفاجأت عندما عدتُ للبيت أول أمس ليلاً ..صغاري نائمون ..ولكن البيت بكامل زينته ..كنتُ نسيتُ فوز مرسي ولكن أيضاً لم يخطر ببالي أن أطفالي سيشترون الزينة و الفتّيش و يرقصون و يغنون ابتهاجاً بفوز (محمد مرسي ) ..قد تكون حكاية فوز مرسي بكفّة وحكاية أطفالي مع هذا الفوز بكفّة أخرى ..وعندما أتى الصباح لاستوضح منهم عن فقه الذي فعلوه ؛ لم يكونوا يملكون إجابات كالسياسيين الكبار أو أصحاب التحذلق و التمذلق اللغوي ..بل قالوا لي : مرسي فاز ..فقط مرسي فاز ..!
هل من المعقول أن الأجيال القادمة ستقرأ حقيقة ما معنى أن مرسي يفوز ..؟ وهل سيدرك أطفالي أن فوز مرسي هو المسمار الأول في نعش ( بشار الأسد ) ..؟ أنا أدرك ذلك تماماً و أعتقد أن أطفالي أيضاً يدركون لأنهم قالوا لي صراحة بعد أن هنأوني بفوز مرسي : يا رب يموت بشار ..؟
يا رب ..!