محاكمة الذهبي

صورة ديقراطية بامتياز ، واجراء فوق العادة في محاربة المشتبه بهم بالفساد ، تجسده المحاكمة العلنية التي تنفذها جنايات عمان بقضية محمد الذهبي باعتباره شخصية سياسية امنية ومن العيار الثقيل ، مثل مرحلة كان فيها رقما يشار اليه بالبنان .
ما يجرى في محاكم الاردن المشهود لها بالنزاهة والرفعة في التعامل مع قضية الذهبي انما هو انموذج متميز ومشرف في الشفافية وصورة واقعية عن التوجه والارادة في التعامل مع قضايا الفساد بشكل قانوني بحت وتبرأة لاجهزتنا في اتهامات التدخل والضغط والشد العكسي .
الفساد كالكذب حبله قصير رغم تشعبه وتشابك خيوطه واتساع اعوانه ومستواه الذي يخرج احيانا عن اطار المألوف ، الا ان ما يجرى من كشف للحقائق وما يدلوه الشهود ونوعية هؤلاء الشهود يؤكد ان ابناء الوطن الشرفاء لم ولن يقبلوا ان تدنّس طهارة الوطن ومؤسساته واموال الشعب من قبل اي شخص حتى ولو كان (ابو ندهتين ) فمدير مكتب الذهبي واقرب الناس لاسراره واعماله هو شاهد اثبات عليه، والمتعاملون بحكم الجبروت والمصلحة اصبحوا عناصر ادانة له .
العناصر الفاسدة في الاردن والتي تاجرت بقوت وثروات ومستقبل النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الاردن يجب ان يعتبروا من هذه المشاهد وينظروا لما آلت اليه حالة شخصية كانوا هم ينظرون اليها بعين التودد والرياء . هؤلاء يجب ان يدركوا ان اوراقهم الشعبية مكشوفة وان الناس يشيرون اليهم وينتظرون ان يأتي اليوم الذي يشاهدونهم فيه امام القضاء العادل ، فما هو لهم هو لهم ولا خلاف عليه ، وما هو للوطن و الشعب فنحن احوج اليه منهم . وسنبقى المدافعين عنه مساندين القضاء والاجهزة المعنية في الكشف عنه وعن ممارسات وافعال هؤلاء الفاسدين .
حُقّ لنا في الاردن ان نفخر ان شفافيتنا ترتقي لمحاكمة شخصيات بهذا المستوى وهذا يعني ان لا كبير فوق القانون وان للفساد وجها قبيحا نهايته الى القضاء ، وهذا يعني ايضا ان ارادة القيادة الاردنية لا تقبل ان يختبىء مثل هؤلاء تحت عباءتها مستغلين طيبها وطهرها وانسانيتها المطلقة، فلا كبير عندها الا القانون ولا مسعى لها الا الحق والعدل ومصلحة الشعب .
نعم نحن نؤمن ان فتح الملفات جميعها دفعة واحدة والتعامل معها بشكل فج وعشوائي والتركيز على" البربغاندا" وكسب الدعاية وعلى حساب لب الموضوع وتفاصيله سيؤثر على طبيعة هذه القضايا ويخرجها عن مسارها الطبيعي في المقاضات والمحاكمة كما حدث في القضايا السابقة التي يعرفها الشعب كله ، ناهيكم عن مدى تشويه صورة الاردن المشرقة ما سينعكس سلبا على واقع الاستثمار والتنمية . فنحن نريد المعالجة ولو (بالكي) لكن لا بد وان نكون عقلانيين في التعامل مع كل ملفات الفساد ، ملفا ملفا ، بحيث ما ان ننتهي من ملف حتى نأتي بالثاني من دون المساس بالصورة التي نريد ان نعزز فيها ما حققناه من انجاز وتقدم عبر هذه السنين الطوال .
محاكمة الذهبي عنوان عريض لصورة الاردن الديمقراطي وشفافية تعامله وعدالة موقفه وهو في الوقت نفسه اشارة لاصحاب الملفات الذين يتوقعون انهم نجو من فعلتهم ان الامر غير ما يعتقدون ، فما دام قلب الشعب ينبض وما زالت القيادة على تصالح مطلق مع الشعب تنبض بنبضه وتعيش همومه وتسعى لتحقيق تطلعاته فان الوطن سيبقى بخير وستبقى الخِمْرة الاردنية ولادة في كل حين فهذا هو الاردن وهاهم ابناء الوطن .