زمن الشقلبة

قصة واقعية سمعتها من بطل القصة نفسه وهو يتحدث بمرارة وحزن عن الايام الصعبة التي قضاها في المنفى وفضل عدم ذكر اسمه على الهواء ليس خوفا من احد ولكن لسبب في نفسه وفضل ان يبقى مجهول الهوية والاسم لانه لا يبتغي شهرة او شفقة من احد ولكن حتى يعرف المجتمع بالمظالم التي تحصل في المجتمعات ويكون ضحيتها اناس قلوبهم بيضاء ومحبين للخير فقد اصبحت الدنيا مشقلبة فالفاسد هو صالح في نظر المجتمع والصالح طالح والكاذب صادق ومحب الخير للناس مجرم في نظر الناس والانسان الصادق ينعته الناس انه كاذب وهلم جرا.فضل ان يبقى مجهول الاسم لان الأقدار شاءت ان يظل معذبا ومنبوذا ومجنونا وتائها وان يرمى وراء القضبان ظلما وبهتانا ويتذوق اقسى انواع الظلم والعنف من اجل ذنب لم يقترفه بل من اجل ذنب حمله على كتفيه طيلة حياته وتجرع شتى اصناف العذاب من اجل التخلي عن مبادئه وانسانيته ولكنه رفض التخلي عن مبادئه التي تربى عليها منذ صغره.بطلنا لم يدرس في المدارس بل كان يحمل شهادة تخصص في مساعدة الايتام والمحتاجين بمرتبة شرف وهذا العلم لا يتطلب شهادات زائفة بل قناعات حقيقية في مد يد العون للفقير والمحتاج والمسكين ويقف مع المظلوم والضعيف ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر , والفاسدين من ابناء جلدتنا يرفضون انسان يحاول الاصلاح ويسعون لازاحته بشتى الاساليب الجهنمية ليخلو لهم الجو فيلزقون له تهم باطلة من اجل التخلص منه وهذا ما حصل مع بطل قصتنا فان المفسدين لم يرضوا بالاصلاح ولا المصلحين الذين يريدون التغيير واذا وجدوا انسان رفع رأسه وحاول التغيير يدبروا له دسائس ومكائد للتخلص منه.شاءت الاقدار ان يكون في الزنزانة اشخاص يحملون نفس الرتبة ويشاطرونه همومه واحزانه ويحتسون من نفس الكأس الذي ذاقه.لن ينسى صاحبنا تلك الليلة المشؤومة عندما حضر باص صغير واقتادوه الى مكان مجهول وكان في الباص ثلاثة رجال اقوياء اشكالهم تبعث على الريبة والخوف في النفس وكانت اشكالهم توحي انهم ذئاب ومفترسين ولكنهم طمأنوه انهم جاءوا لحمايته من ذئاب النهار ولم يدرك انهم اشد فتكا واشد تعذيبا من غيرهم في الخارج.بطل قصتنا الحقيقية هذه تلقى اشد انواع العذاب ليس جسديا فحسب ولكن معنويا فقد حقنوه بالقوة بواسطة ابرة في جسده بحجة انه مريض وان ذلك يساعد على شفاءه من مرض الطيبة وحب الخير للناس واخبروه انها سوف تحسن من سلوكه وتصرفاته وتجعل منه انسان سوي قادر على مواجهة ومجاراة اقرانه في المجتمع في الزمن الصعب لان الانسان الطيب يداس تحت الارجل .وصل صاحبنا للمكان الذي وعده الرجال الثلاثة بأخذه له وكانت المسافة شاسعة وطويلة والسماء متلبدة كقطع الليل واقتادوه الى الردهة وكان في استقبالهم اشخاص ذات وجوه غريبة وشاحبة. كل شيء كان مريب ومخيف وبعد ذلك اقتادوه وهو مكبل بالاصفاد الى غرفته وكانت غرفة انيقة ومرتبة وقدموا له العشاء وطلبوا منه بعد ذلك الخلود للنوم ,وفي الصباح اوقظوه لتناول طعام الافطار ولم ينسوا اعطائه الحبوب التي قالوا عنها انها تحسن من سلوكه وانسانيته واخلاقه.كان الخوف يخيم على المكان وتلاشى هذا الشعور مع الايام ولكن مع قليل من الشك والريبة..لم يكن يدرك مصيره وما نهاية هذا العذاب والبعد عن الاهل والاصحاب والخلان ولكن هؤلاء الرجال طمأنوه ان المدة ليست طويلة فهي فترة مؤقتة ثم يخلوا سبيله ولكن كان شرطهم الوحيد ان يتخلى عن مبادئه ومعتقداته وانسانيته ويرجع عن مساعدة الاخرين فان أبى قبول شرطهم قتلوه ولكته ضل مصرا على موقفه ينتظر رحمة ربه وفرجه.وفي المساء قرر ان يهرب هو واصدقائه ووضعوا خطة للهرب واستطاعوا الخروج ونجحت الخطة بمساعدة احد الحراس الذي شفق عليهم وتمكنوا من العودة الى منازلهم سالمين قال تعالى( ومن يتق الله يجعل له مخرجا) وبسبب اعمال هذا الرجل الطيب ومساعدته للناس لم يتركه الله وحيدا وأخرجه من محنته وانت عزيزي القارئ اذا مررت بضيق او محنة فقل( رب لا تذرني فردا وانت خبر الوارثين).