في البداية هنالك العديد من الحقائق حول عنوان المقال لابد من الإشارة إليها:
1- لا توجد معايير شفافة وواضحة لاختيار أعضاء مجالس إدارات الشركات المساهمة العامة بحيث يتم الاستناد إليها نظراً لأهمية المهام الملقاة على عاتق هذه المجالس وفي مقدمتها المحافظة على حقوق المساهمين خاصة بعد أن تجاوزت القيمة السوقية لأسهم الشركات المساهمة العامة قبل عدة سنوات أكثر من ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي وبالتالي الدور الكبير الذي تلعبه هذه الشركات في الإقتصاد الوطني وتوظيف مدخرات نسبة هامة من المواطنين.
2- من المعايير والشروط الهامة لاختيار أعضاء مجالس إدارات الشركات المساهمة العامة في الدول المتقدمة العمر والمؤهلات والمهارات والخبرات والالتزام بأخلاق المهنة.
3- بعض هيئات الأوراق المالية والبنوك المركزية في المنطقة اشترطت موافقتها المسبقة على قائمة المرشحين لعضوية مجالس الإدارة للتأكد من النزاهة والسيرة الحسنة والقدرة على حسن الأداء واستيفاء معايير الإنضباط المؤسسي.
4- المعلومات المتوفرة لدي تشير إلى عدم التزام عدد كبير من الشركات المساهمة العامة الأردنية بالمعايير التي أشرنا إليها وكانت النتيجة تعثر معظم هذه الشركات وتعرضها لخسائر جسيمة خلال عدة سنوات متتالية، بحيث تم اعتماد معايير المحسوبية والوجاهة والاسترضاء والتنفيع ورد الجميل والمصالح المتبادلة إضافة إلى انفراد رؤساء مجالس العديد من الشركات بقرارات تعيين أعضاء المجالس وقرارات تعيين مدققي الحسابات الخارجيين والإدارة التنفيذية والسيطرة على قرارات مجالس الإدارة وتهميش الدور الذي تلعبه الجمعيات العمومية السنوية للمساهمين في تسليط الضوء على الثغرات والمخالفات التي ترتكبها الإدارات مما سمح بتضارب المصالح كما عمد بعض رؤساء مجالس الإدارات إلى اختيار بعض السياسيين والمتنفذين لعضوية مجالس الإدارات كواجهة للدفاع عن تجاوزاتهم ومصالحهم، وللأسف أن إدارات الشركات المساهمة العامة المتعثرة نتيجة ضعف وانخفاض كفاءة مجالس إداراتها مازالت تضع اللوم على الأزمة المالية العالمية والربيع العربي لخسائرها للسنة الرابعة على التوالي بينما تتميز مجالس الإدارات الكفؤة بالمراجعة المستمرة لإستراتيجيات أعمالها تبعاً لتغير الظروف الإقتصادية والمالية والسياسية وتغيير دورات الإقتصاد وقطاعاته في ظل توفر الآليات المناسبة لتقييم أداء وأعمال الإدارات التنفيذية وإدارة المخاطر وبالتالي اتخذت القرارات الإدارية والمالية والإستثمارية المناسبة في الأوقات المناسبة.
5- في ظل النمو الإقتصادي الكبير والطفرة التي شهدتها قطاعات العقار والأسهم لعدة سنوات متتالية وقبل الأزمة المالية العالمية فإن حالة من الاسترخاء أصابت الأجهزة الرقابية ومساهمي الشركات ومدققي الحسابات سواء الداخليين أوالخارجيين وبالتالي تغاضت هذه الجهات عن الثغرات والتجاوزات التي قام بها أعضاء مجالس إدارات العديد من الشركات المساهمة العامة والتي ظهرت نتائجها السلبية بصورة واضحة بعد عملية التصحيح التي تعرضت لها العديد من القطاعات وفي مقدمتها قطاع العقار والأسهم.
6- عدد كبير من أعضاء مجالس إدارات الشركات لا يدركون المسؤوليات القانونية المترتبة عليهم نتيجة الخسائر التي تتعرض لها الشركات المساهمة نتيجة سوء الإدارة وحيث تنص قوانين الشركات في العديد من دول المنطقة على سؤال أعضاء المجلس بالتضامن عن تعويض الشركات أو المساهمين أو الغير نتيجة الضرر الذي ينشأ نتيجة اساءتهم تدبير شؤون الشركة بحيث تقع المسؤولية على جميع أعضاء المجلس إذا نشأ الخطأ عن قرار صدر بإجماعهم أما القرارات التي تصدر بأغلبية الآراء فلا يسأل عنها المعارضون عند اثباتهم اعتراضهم صراحة في محضر الإجتماع كما لا يعتبر الغياب عن حضور الإجتماع الذي يصدر فيه القرار سبباً للإعفاء من المسؤولية إلا إذا ثبت عدم علمه بالقرار أو عدم تمكنه من الإعتراض عليه بعد علمه به كما أن موافقة الجمعيات العمومية للشركات المساهمة على إبراء ذمة أعضاء مجالس الإدارة لا تحول دون إقامة دعوى المسؤولية، وللحديث بقية في مقال لاحق.