الحموري:"سلطة خفية" تقود البلاد

اخبار البلد 
رأى الفقيه الدستوري محمد الحموري أن هناك جهات وصفها بـ " السلطة الخفية " تحرك الحكومة ومجلسي النواب والأعيان وتفرض عليهم التوقيع، معربا عن خشيته من أن تبدأ الحكومة بزج الناس في السجون على ضوء ما يحصل في الشارع ، وقال إن هذا "سيقودنا إلى الهاوية".
وقال الحموري ليونايتد برس إنترناشونال اليوم الأحد " أخشى ما أخشاه أننا في ظل هذا الذي يجري في الأردن فإن الحكومات ومن ورائها الأجهزة الخفية تصب الزيت على النار، وأخشى أن تدفعنا إلى الهاوية".
وأضاف أن " الحراكات الشعبية التي تشهدها المملكة سلمية وشعاراتها سلمية ، ولكن هناك بعض الشعارات فيها نوع من التطرف ، ولكن ما أخشاه أن تستغل الحكومات بعض الهتافات وبعض الشعارات وتبدأ بزج الناس في السجون " .
وأوضح " إن حدث ذلك فإننا سننتقل من الصوت إلى الصدام ، وهنا تأتي الهاوية " ، مؤكدا أن " هناك مؤشرات على ذلك " .
واستشهد الحموري بما قاله رئيس الحكومة فايز الطراونة الجمعة الماضي.
وكان الطراونة حذر عبر التلفزيون الرسمي من التطاول على الملك عبد الله الثاني، وقال إن الأجهزة الأمنية لن تسمح بذلك بعد الآن .
وقال "شعرنا في الآونة الأخيرة أن هناك تطاولا من جانب -بؤرة قليلة جدا- في الحراك الشعبي على الملك، ولذلك فإن هذا التطاول لا يعبر عن الخلق الأردني مطلقا " .
وشدد على أن أي تطاول "على الملك عبد الله، منذ هذه اللحظة سيعالجه القانون"، في إشارة إلى قانون العقوبات.
وقال الحموري " في الدول التي ظرفها مثل ظروف الأردن لا تلجأ إلى السجون والسجانين والعقاب ، وإنما تستوعب الناس بالحسنى وتستجيب لطلباتهم بالحسنى ، وإنما إذا استخدمت معهم العنف فسوف يقابل هذا العنف بالعنف وبعد ذلك لا ندري كيف سيكون المصير ؟" .
ولفت إلى أن بلاده لديها إشكاليات دستورية " يندى لها الجبين "، واصفا هذه الإشكاليات بـ " الكثيرة جدا ".
وأشار إلى أن الدستور في أي بلد ينص على أن " الشعب مصدر السلطات "، وبديهيا أن الشعب لا يستطيع الإجتماع حتى يمارس سلطاته فيختار أناسا يمثلونه ( مجلس النواب أو مجلس الشعب ) لكي يمنحوا الثقة للحكومة التي تمارس السلطة " .
وقال الحموري " عندنا في الأردن نرى أن المجلس التشريعي ( مجلس الأعيان ) هو مجلس تعينه الحكومة ، وهذا بعرف الشعوب وبعرف الفكر الدستوري الحديث لا يجوز أن تعين للشعب مجلس يشرع له وهو ( أي الشعب ) يجب أن يختار " .
وأضاف " وإذا نظرنا إلى مبدأ الفصل بين السلطات ، فأين هذا الفصل ؟ إذا كانت الحكومة تعين المجلس التشريعي ( مجلس الأعيان ) وتزور الإنتخابات البرلمانية لمجلس النواب المنتخب " .
وتابع الحموري " وإذا كانت السلطة القضائية كسلطة مستقلة " تشكم " الحكومات إذا إنحرفت عن جادة الصواب فأين استقلال القضاء إذا أبقوا علة نص في الدستور " يعين القضاة ويعزلون بإرادة ملكية موقعة من رئيس الوزراء ووزير العدل " ، فإذا كانوا يعينون القاضي ويعزلوه فكيف يمكن أن يراقب ؟" .
وأشار إلى أن " عمر الدولة الأردنية 90 عاما ، ألـ 70 السنة الأولى ، عملت الدول جاهدة وعقلاء القوم بشكل مستحيل على تشكيل مجتمع متماسك حتى عام 1993 ، حتى سنوا قانونا مؤقتا ( قانون الصوت الواحد) ففكفك لحمة المجمتع وجعل العشيرة الواحدة ترشح اثنين، وكل شخص يضع اللوم على الآخر مما خلق عداوات كبيرة جدا " .
وقال ان " الأردن تحول من عشائر متماسكة متلاحمة إلى جزر معزولة ، أصبح كل منها لأنها صغيرة بحاجة إلى الحكومة ويذهب إليها للشكوى عندما يختلفون مع بعض وبالتالي أصبح النواب يفوزون بإرادة حكومة وتزوير، واختفت الرقابة سواء الشعبية أو البرلمانية فإنفتح الباب للفساد على مصرعيه".
وأكد الحموري أن " قانون الصوت الواحد الذي ساد في الأردن في آخر 20 عاما أدى إلى هذه النتيجة الإجتماعية الواقعية التي نراها الآن ، ومع ذلك نرى الحكومة الحالية متمسكة بهذا القانون " .
وكان مجلس النواب أقرّ أخيرا مشروع قانون الإنتخاب واعتمد على صوتين أحدهما للدائرة الإنتخابية وآخر للدائرة العامة .
ورأى الفقيه الدستوري أن " الحكومة التي ترى أشخاصها وأعضاء مجلسي النواب والأعيان من الناحية الحقيقية ليسوا هم أصحاب القرار في هذه الأمور " .
وأشار إلى أن هناك " سلطة خفية تحرك هذه الجهات وعليها التوقيع على ما يفرض عليها " .
وقال الحموري "وبالتالي أصبحنا نرى أشخاصا يمارسون سلطة وهي مخفية وغير مسؤولة ، وأناس يوقعون ولا يمارسون سلطة وهم مسؤولون "، متسائلا " أين نذهب ؟ " .
وأضاف " هل رأينا رئيس حكومة حوسب؟ " ، وكم وزير حوسب في الأردن على مدى الإختلالات وأوجه الفساد التي مرت على الأردن حتى الآن ، ومع ذلك الجميع يدعو للإصلاح ؟ " .
وتساءل الحموري " أين هو الإصلاح الذي ينادي به الشعب الأردني ؟ " .
وانتقد الإصلاحات الدستورية التي شهدتها المملكة ، ولكنه قال إن " بعضها كان جيدا من الناحية النظرية ولكن الأساسي منها كان في غاية السوء " .
وأضاف " يقولون في الدفاع إننا أخذنا هذه الإصلاحات عن أرقى الأنظمة الدستورية والديموقراطية في العالم ، والله هذا غير صحيح لأن الأنظمة التي تحدثوا عنها أمامي وأجد ما هو موجود في الإصلاحات التي نفذوها تناقض تماما هذا الذي يجري عندنا ( في الأردن ) " .