منطق القوة وتوحيد فلسطين

اخبار البلد 
العدو الإسرائيلي ما غيره، هو الذي وحّد أرض فلسطين، وأزال الأوهام والحواجز والأرقام عن منطقتي 1948، و 1967 وهو يعمل على إزالة الفواصل بينهما. ما يفعله ضد الفلسطينيين في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة ، يفعله ضد الفلسطينيين في القدس والضفة، من تمييز وتدمير وفقدان الحقوق ومصادرة الأرض وهدر الكرامة، إنه يعيد تجديد وحدة الفلسطينيين.

في العام 1967 وحّد كامل الأرض الفلسطينية تحت سلطة احتلاله ودباباته وبساطير جنوده، وها هو يعيد توحيد معاناة طرفي الشعب العربي الفلسطيني، على أرض وطنه، عبر توحيد معاناتهم، هناك بالتمييز والتضييق، وهنا بالاحتلال والعسكر وقطعان المستوطنين، وهو يوحد في نفس الوقت تطلعات طرفي الشعب العربي الفلسطيني، هناك بالمساواة، وهنا بالاستقلال، هناك بالمساواة لأبناء الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، وهنا بالاستقلال لأبناء الضفة والقدس والقطاع، وبدونهما بدون تحقيق المساواة والاستقلال لن تتوافر فرص العودة لأبناء اللاجئين، إلى اللد والرملة وحيفا ويافا وعكا وبئر السبع، واستعادة ممتلكاتهم فيها، مهما جرى تزويرها وتغيير معالمها، ومثلما حصل اليهود على حقوقهم، واستعادوا ممتلكاتهم المصادرة في المانيا والبلدان الاشتراكية، سيستعيد الشعب العربي الفلسطيني كامل حقوقه وكامل ممتلكاته من الدولة العبرية، وإذا كان ثمة حق لليهود بالعودة إلى فلسطين بعد أكثر من ألفي سنة، فما زال أبناء الشعب العربي الفلسطيني من الجيل الثالث الذي ولد في الأردن وسورية ولبنان حينما يسأل: أنت من أين؟ ، يجيب بلا تردد: من فلسطين ويرفق اسم مدينة او قرية أبيه وجده، للتدليل عن أصله وفصله وفلسطينيته .

الفلسطينييون واقعيون، ولذلك لا يفكرون بطرد اليهود من فلسطين، وليس هذا في برنامجهم، لأنهم يؤمنون بالرسالات الثلاثة وبأنبيائهم، ويؤمنون أن فلسطين كانت مقدسة ولا تزال للمسلمين كما هي للمسيحيين ولليهود، ولذلك يحترمون أتباع الديانات الثلاثة، ولكنها أرض ووطن الشعب العربي الفلسطيني ومن يقبل أن يعيش معهم ولديهم، وما القوة والبطش وتغيير المعالم سوى لحظة تاريخية، مرت وستعبر لتعيد الحق لأهله والممتلكات لأصحابها، مهما علا صوت التضليل والكذب والافتراء .

لم يستثمر الإسرائيليون اتفاق أوسلو، ولم يحترموا إرادة ممثلي الشعب الفلسطيني الذين صوتوا مع اتفاق أوسلو، ووافقوا على تعديل الميثاق وقبلوا بدولة على أقل من ربع مساحة فلسطين، ورفض الإسرائيليون ياسر عرفات ووطنيته، وواقعية نايف حواتمة وشجاعته، واستعدادات التيار القومي وتأملاته، ولم يسمعوا نداءات الشيوعيين المبكرة، ولم يتجاوبوا مع قناعاتهم التقدمية لخلق روح ووعي وعلاقات إنسانية بين الشعبين، واعتمدوا فقط على روح الاستعلاء والعنصرية وتجاوبوا فقط مع موازين القوى، ورفضوا توازن المصالح، ولم يستصيغوا التعايش والندية والشراكة في الحياة والأرض والسيادة ، وسيدفعون الثمن، متوهمين أن منطق القوة هو الذي سينتصر دائماً حتى ولو كان على حساب العدالة، لم يفهموا ان المجتمعات تستمد قوتها واستمراريتها، من العدالة والتوازن والتعايش مع الأخر وليس البطش به واجتثاثه، وهكذا المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي يقوم على نفي الأخر الفلسطيني وتدميره، مستغلين عامل التفوق والدعم الأميركي والضعف العربي، ويتباهون أنهم يسارعون الزمن، لإنهاء مقومات إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل .

حالة من العمى السياسي والقومي والإنساني تجتاح أغلبية المجتمع الإسرائيلي، مع بروز مظاهر بطيئة ومحدودة من التأييد من قبلهم نحو الشعب الفلسطيني، ونضاله العادل والمدني، وخصوصاً بين الشباب تعبر عن حالة وعي وتعكس نمو الفهم العميق لدى هؤلاء المتضامين وصلابة موقفهم وشجاعتهم، على الرغم من كبر وحجم الخناق والضغط الذي يواجهونه، جراء التحريض من قبل المؤسسات الأمنية والحزبية ضدهم .

h.faraneh@yahoo.com