أخيرا تم إقرار عميد القوانين ورمز الاصلاح، ألا وهو قانون الانتخاب الذي أقره مجلس النواب وأفرج عنه بعد جدال طويل ونقاش حاد، وبعد مداولاتٍ امتدت على مدار ثلاثة شهور، تم إنجاز القانون. واصبح الآن في عهدة مجلس الأعيان.
وعودة إلى هذا القانون الذي انتظره الأردنيون بفارغ الصبر مذ بدأت عربة الإصلاح تطل برأسها علينا ومذ بدأ الحراك الشعبي يطالب باصلاحات حقيقية تبدا بقانون انتخاب عصري، يضمن انتخابات نزيهة، وتشكيل حكومات برلمانية فيما بعد.
أقر مجلس النواب قانون الانتخاب، واحتدم النقاش حول مادتين منه، الأولى متعلقة بعدد الأصوات لكل دائرة انتخابية، وقد أقر القانون صوتين لك ناخب، رغم المقترح المقدم من الحكومة السابقة والمتضمن ثلاثة أصوات لكل ناخب في الدائرة الواحدة، والمادة الثانية ذات الوزن في هذا القانون متعلقة بعدد النواب في القوائم النسبية المغلقة والبالغ عددها (17) نائبا على مستوى الوطن.
أنجز مجلس النواب قانون الانتخاب، وألغى الدوائر الوهمية في القانون السابق، وهي نقطة تسجل للقانون الجديد، كما أتم الكوتا النسائية وبواقع ( 15) نائبا على مستوى الوطن، وهي نقطة تلاقي بين الجميع، كما تم إقرار العديد من المواد في القانون الجديد والتي لا خلاف عليها بين شرائح المجتمع كافة.
القانون الآن في عهدة مجلس الاعيان، وهو بيت الحكمة والخبرة، يضم كادرا من الخبراء القانونيين، ونخبة من السياسيين المخضرمين، ويكفي أن يكون رئيس المجلس، وهو نفسه رئيس لجنة الحوار الوطني التي تم تشكيلها في عهد حكومة سابقة، وقد توصلت هذه اللجنة بعد مدوالات عميقة وحوارات طويلة مع مختلف شرائح المجتمع الأردني إلى مقترحات بخصوص قانون الانتخاب المنتظر، وقد كانت هذه المقترحات محل إجماع بين أعضاء اللجنة كافة، وكانت تمثل الحد المقبول بين الجميع؛ وهنا أتمنى كما يتمنى الأردنيون كافة أن يقوم مجلس الاعيان - ورغم المدة الزمنية القصيرة المتبقية لنهاية الدورة العادية- باتخاذ خطوات جريئة تحسب له تضمن زيادة عدد الأصوات لكل ناخب في الدائرة الواحدة كما اقترحت لجنة الحوار الوطني، وأن تزيد عدد النواب في القائمة النسبية المغلقة بما يحقق الرضى الممكن والمتوقع لهذا القانون، حتى يحظى بقبول الأغلبية بين فئات المجتمع كافة.
إن إرضاء الجميع غاية يصعب تحقيقها، ووجود قانون انتخاب يجمع عليه الجميع ويرضون به لا يمكن تحقيقه، فالكل ينظر إلى القانون من منظار خاص بقدر ما يحقق مصلحته وبقدر ما يتفق مع تطلعاته، لكنني على ثقة بأن إقرار القانون بهذه الصيغة ليس نهاية المطاف، فالأمل معقود بأن يعدل مجلس الاعيان في بعض مواد هذا القانون وخصوصا ما تم الإشارة إليه سابقا، للوصول إلى قانون انتخاب عصري يضمن مشاركة الأردنيين في الانتخابات النيابية القادمة.