صباح ناقص و قهوة تحت "السّـادة"


على غير عادتي استيقظت متوجهاً للمطبخ والذي لا زالت علاقتي به سطحية، رافضاً التفكير بأي شيء سوى كيف سأقوم بعمل قهوةِ الصباح، هذا الاختراع الصباحي الذي تُـمجدُ الأمُ لأجلهِ، وبالفعل نجحت المهمة لتجعل مني متفائلاً يقف على شرفته "بلكونته او حاكورته" مبتسماً فخوراً بشقفة فنجان قهوة، متصدياً لأي اشارة سلبية قد تنزع صباحي ! 

ثم تفقدت الجريدة الالكترونية الصباحية كالعادة، فأنا لا اجيد فن التعامل مع اوراق الجريدة فيضيع وقتي وانا احاول ايجاد طريقة لتصفحها دون ان "أجعلكها" ولا أُصاب "بالحرقة". 

ثم قمت بفتح رابط اذاعة الامن العام لأخذ الجرعة الصباحية من صوت اعتدت عليه منذ نعومة أظافري لأستلذّ بقهوتي فسمعت صوتاَ أخر بينما كنت اتنقل بين المواقع الاكترونية لأجد خبر إستقالة هذا الصوت ! فأيُّ خبـرٍ هذا أنني سأفقد أحد الطقوس اليومية الصباحية في حياتي ! وجدت الكثيرين يهنئون والكثيرون يصفونها بالفاجعة، فتُـهت بينهم ! 

هل حقاً منكم من لديه شكوك بأن رجلاً ولمدة 35 عاماً صوته يصدح بالحق كل صباحٍ همّـه المواطن المسحوق يدافع ويقارع ويحارب من اجلكم فهو لا يعرف اسماء ولا مناصب ثم اجد من يصفه بالوطني وكأنه يهودي ! هل حقاً كان هذا الإنسان مرعباً لهذه الدرجة التي منعت كل هؤلاء الحاقدين لمدة 35 عاماً بأن يواجهوا هذا الشخص وهو كل صباح ولمدة 3 ساعات 5 أيامٍ في الأسبوع يواجه الست ملايين بكل جرأة منذ كانوا ثلاثة ملايين !! 

هل المطلوب مني كإنسان عاقل بأن أقرأ ما تكتبون أم أن أفكـر ؟ 

المعلمون يشمتون ويشتمون فكيف تطالبون بما لا تستحقون ؟! لنكن واقعيين هل المعلم معلم بهذا البلد ؟ انظروا الى الجيل الذي أنشأتم ! فإذا كنت تجيد الرياضيات والفيزياء ولا تستطيع ايجاد حل لمشاكلك مع الدولة فأنت فاشل صدقني عزيزي المعلم فالرياضيات والفيزياء متوفرة على اليوتيوب إذا كنت لا تعلم بعد فلا استغرب ! فكن إنساناً يعرف شيئا عن كل شيء خيراً من ان تكون معلماً تعرف كل شيءٍ عن شيء واحد! إقرأ ولو ساعة كل يوم كيف تعبر عن مطالبك كإنسان متحضر لا أن تكون جارياً خلف الدروس الخصوصية منهمكاً في حساب الاقساط الشهرية مستيقظاً كل صباح ماسكاً عصاك باحثاً عن طالب "تفش غلّك فيه" دون أن تُسأل لماذا فأنت "المعلّـم" فوالله اكره المدرسة لهذه اللحظة كما المخفر تماماً ! 

وأما الإخوان المسلمون، لو تغيروا الإسم لكان عليكم الأمر أسهل فمن منا لا يعرف ما يدور ببالكم ؟ اتمنى بأن يكون قرائي من الشباب فأنتم لا تعلمون ما وصل اليه الشباب الأردني في كل المجالات السياسية والدينية، نعم كنا مكتّفي الأيدي في لعبة الثورات ولكننا كنا نحضرهم ونراقبهم فعلمنا عنكم أكثر ما تعلمون، يا ليتنا بعصر الحريات المناظرات لنكشف حقيقتكم المبهرجة فلا داعي للحديث عنكم كثيراً فهنيئاً لكم الحمقى المجرورين فتسيطرون عليهم متستهدفين وازعهم الديني دون اللإكتراث بعقولهم.
وأما أنت أيها المخضرم "أعجبتني كلمة المخضرم فـ لأول مرة استخدمها في مكانها" لا نريد منك إجابة على الإستقالة ولا ردود ولكن نطلب منك خدمة لكل اصحاب الضغط والسكري والمسحوقين الذين لن يجدوا من يحارب من أجلهم وإن كانوا لم يُـسمعوك شكواهم من قبل ولكن كانوا مؤمنين بوجود أمثالك فغيابك سيشعرنا بأننا أغراب فأصواتهم لن تغير نغمة 35 عاماً ولم يبقى من العمر بقية ! فلأجل ابتسامتي وفخري بفنجان قهوتي وتفاؤلي فقط ننتظر التردد الجديد فلن تغيب كثيراً وانت كعلم بالشرف والنقاء فها انا استمع لمكالماتك مع الراحل الحسين رحمه الله استذكر أردن الماضي واقول يا ليته كان بيننا ليرى ما حلّ بنا، من الكلام مقموعون وللطعام مترجّون ومن المال مسلوبون وحتى صوتٌ يواسينا محرومون !

وأما مدير الأمن العام مع الإحترام والتقدير فلطف منك قبول إستقالة العمري ولكن الغريب بأن تفضل اللطف على الحكمة ولا تبحث وراء اسباب هذه الإستقالة التي اخشى بعدها من تدهور علاقة المواطن برجل الأمن ! 15 اسقالة خلفاً لها تعني بأن أهم أعمدة هذه الإذاعة انهارت والنصيحة بجمل العسكريين ايضاً لا يقلّوا أهمية كأعمدة أمان لأي دولة ولكن القيام بأعمال خارج الاختصاص قد يتسبب في خسارة هذه المؤسسة الإعلامية التي كانت ناجحة منذ اليوم الأول لافتتاحها، والصبغة العسكرية ستطغى على الإذاعة لا محالة وهي ثقيلة علينا كمواطنين فاعذروني لن أستطيع سماعكم وأنا لم ألبث ان عالجت نفسي من فوبيا "الشرطي والمخفر".

بقلم:
عمر حـرب