الذين كانوا طيلة 24 شهراً يعارضون إعادة تسعير المحروقات شهرياً على ضوء الارتفاع الحاد في أسعار البترول العالمية ، ليس لهم حق بالمطالبة الآن بتخفيض أسعار المحروقات إذا انخفضت أسعار البترول العالمية ، فإما أن تتقرر الأسعار المحلية للمحروقات على ضوء الكلفـة الحقيقية كما تتجه في الأسواق العالمية ، وإما أن تتقرر على ضوء الاحتياجات المالية والاعتبارات الاجتماعية.
خلال سنتين من تجميد أسعار المحروقات محلياً بالرغم من ارتفاع أسعار البترول المستورد عالمياً بلغت الخسائر عدة مليارات من الدنانير ، تحولت إلى عجز في الموازنة ، وجرى تمويلها بالاقتراض والسماح للمديونية بالارتفاع وتجاوز الخطوط الحمراء. وهنا نجد أن أصحاب الأصوات العالية يؤيدون تثبيت الأسعار ويرفضون ارتفاع المديونية!.
يبدو الآن أن أسعار البترول العالمية أخذت تميل إلى الهبوط ، وكان آخر تسعير محلي للمحروقات قد حصل عندما كان سعر البرميل في السوق العالمية يتراوح حول 75 دولاراً ، اي أنه ، فيما عدا البنزين 95 ، فإن كل أصناف المحروقات الأخرى ما زالت مدعومة ، وخاصة فيما يتعلق باستخدام الزيت الثقيل بدلاً من الغاز المصري لإنتاج الكهرباء حيث بلغت الخسارة 7ر1 مليار دينار خلال الشهور الأربعة الأولى من هذه السنة.
ماذا لو انخفض سعر البترول عالمياً؟ من الطبيعي في حالة كهذه أن تشتد الضغوط على الحكومة لتخفيض الأسعار المحلية ، مع أنها قد ترغب في استمرار الأسعار الحالية لتحقيق فوائض تغطي جانباً من خسائر السنتين الماضيتين.
في جميع الأحوال يجب أن نتذكر أن السعر المحلي يشتمل على ضريبة عالية لها مثيل في بعض دول العالم باسم ضريبة الكربون ، ولذا فإن مقارنة الأسعار المحلية للبنزين بما هي عليه في بلد كالولايات المتحدة يجب أن يأخذ بالاعتبار مسألة الضريبة التي لا علاقة لها بالكلفة بل هي وسيلة لتمويل الموازنة ودعم البلديات.
نتمنى أن تواصل أسعار البترول العالمية انخفاضها المضطرد ، بحيث تحقق الخزينة أرباحأً بدلاً من الدعم ، وهي بحاجة ماسة لهذه الأرباح لتمويل شبكة الأمان الاجتماعي ، باعتبار الموازنة أداة لإعادة توزيع الدخل بحيث تأخذ من القادرين وتعطي الفئات الأضعف في المجتمع.