مذبحة صويلح البشعة

اخبار البلد_ وقعت في مدينة صويلح يوم الثلاثاء الماضي (12/6) مذبحة مأساوية بشعة، ذهبت ضحيتها عائلة كاملة، مكونة من الأب والأم والابنين، وأخي الأب، وكانت المأساة أن القاتل كان أحد أفراد العائلة، فهو الذي قام بقتل أبيه وأمه وأخويه وعمه!!

القاتل صبي، عمره سبعة عشر عاماً _حدث بلغة القانون الوضعي_ وأبوه كان معلماً في التربية والتعليم، تقاعد مؤخراً، وهو من رواد المساجد، نعرفه عن قرب رحمه الله، وكان صالحاً عابداً، كما كان هادئاً لطيفاً يحبه رواد المساجد، وقد أحببناه لهدوئه وصلاحه وحسن خلقه، وأنجب ثلاثة أبناء ذكور، الكبير طالب في الجامعة والأوسط فاشل في الدراسة، وفي الحيلة الأسرية والاجتماعية والصغير طالب في المدرسة، عمره عشر سنوات.

وكان الأب الصالح دائم النصح لابنه الأوسط الفاشل، ولكن الابن لم يستجب له وتعرف على مجموعة من شياطين الإنس الذين يفسدون في الأرض ويرتكبون الموبقات، وانحرف معهم، مما دفع والده في الأيام الأخيرة لطرده من البيت.

وفي يوم الثلاثاء الماضي قام الفتى الفاشل المنحرف بتنفيذ ما عزم عليه، وخطط له وهو الذي دفع إليه شيطانه وحقده ولؤمه، وفقدانه لإنسانيته حيث طوعت له نفسه الحاقدة قتل عائلته كلها.

أخذ المسدس الذي لوالده، ورتب أمره، ودخل البيت وقت الظهر، ولم يكن في البيت إلا أمه وأخوه الصغير، وحشا المسدس بالرصاص، وفاجأ أمه التي كانت جالسة على الكرسي من الخلف، وأطلق عليها رصاصة واحدة من الخلف أصابت منها مقتلاً، وخرجت روحها.. وفوجئ الصغير بصوت الرصاص، ورأى أمه مقتولة والدم ينزف منها، فوضع يديه على وجهه مذهولاً مرعوباً، فأطلق عليه الشيطان القاتل ثلاث رصاصات فقتله، وبقي القاتل في البيت يتفرج على جثة أمه وأخيه، وبعد فترة أتى أخوه الطالب الجامعي، ولما دخل البيت وجده غير طبيعي، وفوجئ بالجثتين، فكمن له الشيطان وأطلق على رأسه رصاصة غادرة من الخلف، سقط على إثرها جثة هامدة.

وجلس القاتل ينتظر الضحية الرابعة، وبعد ما صلى الأب العصر في المسجد، عاد إلى البيت، ووضع السيارة أمام البيت، ولما صار داخل المنزل فاجأه القاتل برصاصة من الخلف، سقط على إثرها ميتاً، وبقي القاتل يتفرج على الجثث الأربعة من الساعة الخامسة عصراً حتى الساعة الحادية عشرة ليلاً، حيث أوقفت عمه سيارته أمام البيت، ولما دخل المنزل جعله الشقي القتيل الخامس، وامتلأت أرضية البيت بدماء القتلى _الشهداء_ الخمسة!!

وخرج الشيطان القاتل من البيت آخر الليل، وذهب إلى زمرة السوء بقضي معهم ليلته، وبعد ظهر يوم الأربعاء التالي كان بين ابنة أخت رب الأسرة وخالها موعد، فهاتفته لتكلمه، وهاتفت أهل المنزل، وكانت الهواتف مغلقة، فأتت المنزل ورأت سيارتي خاليها أمامه، ولما صعدت مع أختها البيت، ووجدتاه مغلقاً، ازدادت خشيتيهما، ولما خلعتا الباب ودخلتا المنزل فوجئتا بالمذبحة والجثث الخمسة، وجاء الدفاع المدني والأمن العام والمدعي العام، وبدأوا بجمع الأدلة..

بقيت في الخبر بقية ..

ذهب فتيان من معارف القاتل الفاشل يبحثون عنه، فوجدوه جالساً في مطعم، وقالوا له: أنت هنا وأهلك جميعاً قد قتلوا.. فمثل عليهم وهدد وتوعد، وأقسم أن ينتقم ويأخذ بالثأر، وأتى المنزل مسرعاً وصار يضرب رأسه بالحائط حزناً على القتلى، وشكوا في أمره وحققوا معه، وبعد ساعات اعترف بالمذبحة التي اقترفها وأعاد تمثيل الجريمة!

وفوجئت مدينة صويلح بهذه الحادثة المأساوية التي ارتكبها هذا الفتى الفاشل الحاقد، وتعجب الناس: كيف يرتكب هذه المجزرة وهو بهذا العمر _ سبعة عشر عاماً_ وكيف يذبح أمه التي كانت تدللـه وتقول عنه إنه هو نصيبها من الدنيا، وكيف أطلق ثلاث رصاصات على أخيه الصغير البريئ، وكيف تحمل أن يبقى في البيت عدة ساعات ينتقل بين جثث جمسة هم من أقرب الناس إليه، وكيف اطاق ان يرى هذه الجثث الخمسة مطروحة ملقاة أمامه، وهل بقي لهذا النبت الشيطاني بقية من المعاني الإنسانية ، وهو يرتكب هذه المذبحة أم أنه تحول إلى "كومة" من الحقد واللؤم والشيطنة.

ماذا أقول؟ ما هذا الفتى الفاشل إلى ثمرة شوكية لبنات شوكي يزرعه الشياطين في مجتمعنا، كثيرون يزرعون الأشواك في مجتمعنا وهذه الأشواك لا تثمر إلا أشواكاً، وهذه الأشواك السامة تدمي الأيدي والأرجل، وتدمي القلوب والأرواح، وتدمي العقول والمشاعر، وتدمي الروابط والوشائج، وتقضي على الصلات الأسرية والأخوية والاجتماعية والعائلية والإنسانية..

ويقول لك قائلهم: نجن لا نزرع الشوك! كذبتم أيها الزارعون المفسدون، يا من تزرعون الأشواك السامة في مدننا وقرآنا، ومدارسنا وجامعاتنا، وفي بيوتنا ومنازلنا، وتنشرون على هذا الجيل الناشئ أشواكاً مدمرة فيخرج بعض أفراده أشواكاً شيطانية قاتلة، مثل هذا الفتى البائس الذي قضى حقده على أسرته.

يا قومنا: افتحوا عيونكم ولاحظوا ما يجري حولكم، واقلعوا الأشواك المزروعة فيكم واقطعوا أيدي الشياطين المفسدين الذين يزرعونها ويخرجون هذا النموذج المشوه القاتل.

د.صلاح الخالدي