الكتابة في الشأن النيابي.. مضيعة للوقت
أنشغل الوسط الإعلامي فيما وقع بين النائبين جميل النمري ويحيى السعود، أما في الوسط الشعبي فان الرأي العام لم يكن معنيا بالأمر إلى درجة كبيرة وكان الحادث مجرد حكاية يتداولها الناس كما يتداولون حادث سير ملفت .
الوسط الإعلامي يبحث عن الخبر والنائب يحيى السعود يدرك ذلك جيدا ولذا فهو يسعى دائما إلى صنع الخبر ولا يعنيه ان كانت النظرة إلى ذلك الخبر ايجابية أو سلبية، أما الرأي العام فانه غير مكترث بمجلس النواب من أساسه ويكرر الناس على مسامع بعضهم بعضا عبارات النزق من بقاء المجلس وجدوى وجوده إلى درجة تأفف من كثيرين من الديمقراطية البرلمانية واعتبروها عبئا على السياسة والخزينة.
النخب السياسية المحدودة وحدها التي تنتظر مخرجات قانون الانتخاب وتتجادل في الصوت والصوتين والقوائم، ولو أقر النواب قانون انتخاب يلغي الاقتراع ويترك أمر اختيار النواب للحكومة أو للغرف التجارية ومخاتير العشائر لما تحرك الشعب معترضا، ولو عاد النواب وعدلوا الدستور مرة أخرى لما تبدلت نظرة الشعب واهتمامه بالمجلس.
لم يتوقف الناس أمام أخبار مجلس نوابنا عند أقرار قانون الهيئة المستقلة للانتخابات ولا عند أقرار قانون المحكمة الدستورية، وإنما توقفوا فقط عند فتح قضية التنقيب عن الغاز وقضية الكازينو ولكنهم عادوا بخيبة أمل لا مزيد عليها في تاريخ الحياة البرلمانية الأردنية منذ تأسيس الإمارة وحتى اليوم.
المواطن بشكل عام لم يعد معنيا بالقوانين ولا بالتصريحات ولا بالمشاجرات تحت القبة ويفضل أخبار مجلس النواب وعلى حوارات المحطات الفضائية والإذاعية المحلية.
المواطن يعيش حالة نزق من استمرار مجلس النواب الحالي في العمل ولو ألغيت الانتخابات أو قرر جلالة الملك ارجاءها لمدة عام أو عامين فإنني أتوقع أن تشهد الشوارع مسيرات تأييد للقرار الملكي والسبب هو ما عانيناه من كمد وعجز وفشل في مجلسين نيابيين متتاليين عطلا مسيرة التقدم الديمقراطي ناهيك عن التشكيك المتواصل في شرعيتهما.
أسألوا الناس البسطاء.. أسألوا الأغلبية الصامتة .. ماذا يريدون سيقولون لكم لا نريد لا أصلاحات دستورية ولا محكمة دستورية ولا انتخابات نيابية.. نريد قانون من أين لك هذا.. نريد استعادة أموال الشعب وقطع دابر الليبرالية التي باعت ثروات الوطن وبعد ذلك نفكر بالانتخابات.
المواطن يريد أن يقتنع أن ثروة فلان الطائلة جاءت من مصادر مشروعة، ويريد من يقنعه بالمواءمة بين ممتلكات الوزير أو المسؤول السابق الفلاني وبين رواتبه التي تقاضاها من الدولة،, ويريد من يفسر له طفرة القصور والترف لرجال ليسوا عباقرة في الصناعة ولا في التجارة وانما متخصصون في معرفة من أين تؤكل الكتف!!
أيها السادة النواب حتى لو تطايرت القذائف الجلدية والزجاجية تحت القبة فان اهتمام الاعلام بالخبر لا يعني أن المجلس محور الحدث الوطني ولا يعني أن الشعب مكترث، ولن يغير ذلك من حالة النزق الشعبي بالحياة البرلمانية الأردنية فابحثوا عن الأسباب؟؟