مجالس الادارة والفساد (3)

كثر في الآونة الأخيرة تطرق وسائل الاعلام المختلفة لموضوع التجاوزات أوالعديد من شبهات الفساد التي تدور حول الكثير من ادارات الشركات في القطاع الخاص ، في ظل وجود كثير من الثغرات القانونية أوغياب العديد من القوانين والتشريعات التي تضمن صحة وسلامة اجراءات العمل في هذا القطاع الهام

ان كثير من الشركات الوطنية الكبرى التي يسيطر على مجالس ادارتها أصحاب الحصص الكبيرة من المتنفذين صارت محط انظار واهتمام كثير من خبراء المال والاقتصاد واهتمام كثير من الحركات الاصلاحية المنادية بضرورة التركيز على الاصلاح في المجال الاقتصادي لقناعتهم بأن الفساد سواء في القطاع العام او القطاع الخاص هو من أهم اسباب الازمة الاقتصادية الخانقة ومن أهم اسباب تراجع مستوى المعيشة للمواطن الاردني ، وما يرافقها من ضنك العيش بسبب ارتفاع الاسعار وانخفاض القيمة الشرائية للدينار ،
كما انه لم يعد يخفى على أحد ان الفساد المتفشي في القطاع الخاص أضر بالبنية الاقتصادية والاستثمارية بسبب تآكل الطبقة المتوسطة وازدياد الطبقة الفقيرة المعدمة وسيطرة فئة قليلة من ابناء المجتمع المتنفذين على خيرات البلاد والعباد سواء اؤلئك الذين ينتسبون لفئة رجال الاعمال أو الذين يسمسرون على بيع مقدرات الوطن وثرواته المحدودة بصفقات واتفاقيات جائرة تصب في مصلحة المستثمرين الاجانب وجيوب السماسرة الفاسدين .

وان من اهم الاسباب التي ساعدت على تفشي الفساد واكتشاف مئات القضايا التي تدور حولها شبهات الفساد :
1- هو غياب القوانين والتشريعات الرقابية الصارمة ،
2- ضعف وتخاذل القائمين على هيئة الاوراق المالية ومراقبة الشركات ،
3- تخاذل شركات ومكاتب تدقيق الحسابات الخارجيين بواجبهم وعدم قيامهم بالتبليغ عن التجاوزات المالية والادارية التي تظهر معهم اثناء تدقيق الحسابات وعدم التحفظ عليها بشكل واضح وصريح في تقاريرهم السنوية
ومن اهم الاسباب التي تحفز مدققي الحسابات على ذلك :
1- ضعف جهاز مراقبة الشركات اضافة لتخاذله في محاسبة مدققي الحسابات الخارجين على تقصيرهم وتسترهم على التجاوزات المالية والادارية التي تمارس داخل الشركات التي يمسكون دفاترها
2- تستر جمعية مدققي الحسابات على ممارسة زملائهم في المهنة حفاظا على استمرار مصادر دخلهم وعدم انقطاعها
3- انتفاع مكاتب تدقيق الحسابات من مجالس ادارة الشركات الذين يعيثون فساد في تلك الشركات لضمان تزكيتهم في اجتماعات الهيئات العمومية للمساهمين ليستمروا في مسك دفاتر حسابات تلك الشركات سنوات عديدة ، وخير مثال على ذلك احدى الشركات الكبرى التي يدور حول رئيس مجلس ادارتها العديد من شبهات الفساد وتتمثل بعضها في استغلاله لصلاحياته وصلاحيات مجلس الادارة أثناء جمعه بين منصب رئيس مجلس الادارة ومنصب الرئيس التفيذي للشركة وهذا الشخص وخلال اقل من خمس سنوات كان قد رفع اجور شركة تدقيق الحسابات العامله في الشركة من 18000 دينار الى 36000 دينار ثم الى اكثر من 73000 دينار ، اذا كيف يمكن لشركة تدقيق الحسابات تلك ان تبلغ عن تجاوزات رئيس مجلس الادارة هذا بعد ان أغرقهم بأجور لم يكونوا يتوقعونها في يوم من الايام
أما بالنسبة لدوائر واقسام التدقيق الداخلي للشركات والتي يكون ارتباطها بالمدير العام !!! اوبلجنة التدقيق الداخلي الصورية المشكلة من بعض اعضاء مجلس الادارة وبرئاسة احدهم والتي غالبا لا تلتقي بمدير التدقيق الداخلي مرة واحدة في السنة !!!
او يكون ارتباط دائرة التدقيق الداخلي مع رئيس مجلس الادارة !!!!
اذا كيف يكون لكوادر التدقيق الداخلي في الشركات الكبرى دور !!!! اذا كانت تقارير عملهم عن الانحرافات والتجاوزات تنتهي عند رئيس مجلس الادارة الذي هو أصلا سبب كل هذه التجاوزات والانحرافات وهؤلاء ينطبق عليهم المثل القائل (( قيل لحبة القمح اشتكي قالت لمن اذا كان القاضي دجاجة ))
وكيف !!! واين !!! مراقبة الشركات عندما جمع رئيس مجلس ادارة احدى الشركات الكبرى وظيفة الرئيس التنفيذي لتلك الشركة اضافة لكونه رئيس مجلس ادارتها ولمدة خمس سنوات متواصلة في حين انه ومنذ عام 2006 تم اضافة مادة في قانون الشركات تمنع الجمع بين هذين المنصبين .

لذا وبناءا على كل ما ذكر لا بد من اصدار العديد من القوانين والتشريعات التي تضبط عمل القطاع الخاص ،
ومن هذه القوانين ضرورة ربط كل من اجهزة التدقيق الداخلي في الشركات الخاصة وشركات ومكاتب تدقيق الحسابات بكل من ديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد بمواد قانون ملزمة لهذه الجهات الرقابية بالتبليغ عن كل اشكال التجاوزات والانحرافات التي تتسبب بهدر المال العام من قبل رؤساء مجالس الادارة او اعضاء مجالس الادارة او الرؤساء التنفيذين ( المدراء العامين )
وبنفس الوقت يجب أن تتضمن القوانين والتشريعات مواد تضمن حماية هذه الشركات الرقابية والعاملين في دوائر التدقيق الداخلي من الاجراءات الانتقامية التعسفية التي قد تمارس عليهم من قبل رؤساء مجالس الادارة الفاسدين سواء بالنقل او التهميش أو بأنتقاص حوافزهم ومكافأتهم او تهديد امنهم واستقرارهم الوظيفي
وبخلاف ذلك ستبقى الجهات المعنية بمكافحة كل اشكال الفساد تراوح مكانها وسيستمر هؤلاء الفاسدين في نخر اركان الدولة وبنيانها وانتهاك حرمات الوطن بنهب خيراته ومقدراته رغم محدوديته

للموضوع بقية ..........



محمد حسن الصمادي