البترول والغاز مرة أخرى

اخبار البلد 
تأييدي لاتفاقية التنقيب عن النفط والغاز مع شركة بريتش بتروليوم في مقال الخميس الماضي أثار عليّ بعض الاعتراضات الشديدة ، فقد وردتني رسالة توبيخ شديدة اللهجة من لجنة المتقاعدين العسكريين يقول مرسلوها أنهم كانوا قبل اليوم يظنون أنني وطني. ويبدو أن معيار الوطنية في نظرهم هو رفض كل إجراءات الحكومة. وفي هذا المجال خيبت حسن ظنهم بي.
يذكر بالمناسبة أن هذا الامتياز المثير للجدل كان قد عرض في منافسة دولية ، وأن العرض الذي تقدمت به بريتش بتروليوم كان الأفضل ، ومعنى ذلك أن عدم قبول أفضل العروض يعني عملياً إلغاء المشروع والاسـتغناء عن استكشاف البترول والغاز ، اكتفاء بالمنح الأميركية والعربية والغاز المصري والمديونية.
ويطالب ديوان المحاسبة وباقي المعارضين للاتفاق ، الذي أصبح قانوناً بموافقة الحكومة ومجلسي النواب والأعيان ، بتعديل الاتفاق. وأرجو أن لا يكون قد غاب عن أذهان هؤلاء أن التعديل الذي يطالبون به ، مثل زيادة معدل ضريبة الدخل على أرباح الشركة المنتظرة ، وأي تعديل آخر ، يحتاج لموافقة الطرف الثاني وهو الشركة ، أم أنهم يريدون فرض الشروط على الشركة أم إلغاء الاتفاق ودعوة شركة البترول الوطنية لتستأنف البحث الذي كانت تقوم به فلم يسفر عن شيء خلال عدة سنوات من التنقيب العالي التكاليف.
يعتقد البعض أن في الأردن آباراً تفيض نفطاً ، ومناجم لكميات من الغاز لا تنضب ، فلماذا نسمح لشركة أجنبية بأن تتسلم هذه الكنوز وتقتسم معنا عائداتها؟ لكن الواقع أن هذه الآبار لم توجد بعد ، وقد فشلت كل الجهود التي بذلت خلال عشرات السنوات في إيجادها ، وأن عملية تنقيب مكثفة ، من قبل شركة بترول عالمية ، تستخدم أحدث أساليب التكنولوجيا سوف تكلف أكثر من 350 مليون دولار غير قابلة للاسترداد أو التقاسم إلا بعد اكتشاف البترول والغاز بكميات تجارية تحول الأردن إلى بلد بترولي مكتف ذاتياً.
بهذا المناخ المسموم والاتجاه العدمي نفهم لماذا لا تستطيع الحكومات الأردنية أن تتصرف وتأخذ قرارات ، ولماذا يتردد المستثمرون في إقامة مشاريع اقتصادية إذا كانت تهمة الفساد والنهب جاهزة سلفاً.