الوفاء غايتي و الغدر طبعك

اخبار البلد 
كان كلبي جروا وديعا ، كبر وكبر الوفاء معه طبيعة لا تتطبع و لا ترويضا ولا تدريبا ، لكنني علمت كلبي أشياء كثيرة ليساعدني فيما اعجز عنه، لامتلاكه قوة و خصائص تكمن في حاسة الشم حاسة السمع التي ترصد الأصوات الخفيفة و المجهولة بإضافة الي أنيابه الحادة ،كما انه حريصا وفيا يقظا ومتنبها بطبعه لكل من هو غريب وحوشا أو ذئاب ، تحاول أن تخطف ما نملك في البيوت أو المزارع ، أو متسلل خائن صاحب خفة في الحركة يجيد التمويه و التضليل و المكر منتهزا فرصا مواتيه يقتنص الغنائم و المكاسب بيد تجيد الحركة الخفية والتخفي من اجل السرقة بمهارة لا تترك اثرا أو بصمة لمن يبحث عن اثر، و ذلك بطمس وإخفاء ما اقترفت أياديهم .

شكرا لك يا كلبي أنت جميل، ودود ،تداعب أطفالي بهدوء و رقة إذا عضيت احدهم فهي عضعضة خفيفة لا تؤذيهم و لا تروعهم كأنك تستعطف و تستميل القلوب لتقترب مع من يداعبك ، أنت بطبعك ودود ولو أنهم وصفوك يا كلبي انك نجس بأسنانك و لعاب فمك ونفس انفك وكل فصيلة الكلاب مثلك، إذ قالوا بني البشر: إن الكلاب إذا لعقت بوعاء أفسدته ولوثته بنجاستها .

يا كلبي وصفتك نجس كما قالوا إن كان هذا فظا غليظا عليك ، اعذرني أنت طبعا لا تفهم و لا تدرك معنى العذر، لكنني كم أتمنى أن افهم سر حرصك المتمترس في المكان الذي أوكلت نفسك بحراسته فبقيت على طبعك لا متقلبا ولا غدار منذ خلقك الله محافظا و متمسكا بالعقد المبرم بالوفاء الطبيعي مع الإنسان.. هنا نتساءل هل رد البشر الوفاء بالوفاء مع بعضهم البعض ؟

على كل حال لقد ورد ذكرك في قصة أهل الكهف في القران الكريم عانيت كما عانوا وحتى انك نمت معهم ثلاثمائة عام و يزيد ، و هذا يؤكد أنك رفيق وفي للإنسان وهذا الوفاء هبة من الله سبحانه و تعالى لخلقه ،وهي موجودة فيك بدون أن تعرف معناها .
أما نحن البشر يا كلبي متقلبون و متغيرون بأوجه عديدة لا تعد ولا تحصى يطغى علينا الطمع و الجشع والاحتكار وإقصاء الآخرين ، نهمز نلمز و نهمس ، ونطعن بأعراض الآخرين نعمل الكثير الكثير حلالا او حراما من اجل كسب و كنز المال، و الملكية على حساب الاخرين وصنع الذات و الجاه.. أليست هذه مرارة المعاناة التي تعذب الروح والنفس المطمئنة و النفس اللوامة عند البشر ؟ بلى ... فأنت بالمقابل تكتفي بالأكل و الشرب و هذا مطلبك الوحيد ، عناية و نظرة حانية بها رفق رقيق من بني البشر!!

آه .. كم تعجبت و استغربت من استقبال الكلب لصاحبه عندما يعود إلى بيته ، الاستقبال و اللقاء يعبران عن الوفاء و الإخلاص ، كل هذا الوفاء من كلبي وباقي الكلاب ، فهي لا تنتظر منا أي مقابل .... لكننا دون تكلف و ثقل أو تدمر علينا أن نحضر بقايا و فتات فضلات الطعام من موائد بني البشر، لتأكلها بشراهة ونهم لتبقى على قيد الحياة تحرس بوفاء ويقظة و نباهة .

ليت البشر أوفياء و مخلصين ، بعيدين عن الغدر والطعن و خيانة الأمانة التي خلقوا عليها بفطرتهم الإنسانية البريئة و الجميلة.
عودت كلبي على لغة البشر أناديه فيستجيب بمقدار ما علمته ودربته ، يفهمني وافهم صوته إن كان عاليا أو منخفضا نباحا أو عواء .....الخ ، المهم انك يا كلبي لا تعض فان أقدمت على العض فانك مصاب بداء السعار أخشى و أخاف أنك ستعض أهل بيتي و أبناء قريتي و أصدقائي عندها سينتهي مشوار الرفقة و الالفة بيني وبينك ، هنا فأني لست بحاجتك فأنت مريض ، سأحاول أن أكون وفيا قدر المستطاع لمن يستحق الوفاء ......

و أخيرا مهما زاد أو نقص الكلام من التهريج سواء جهرا أو سرا صمتا أو إصغاء لأصحاب الآراء والفكر ان اختلفت او توافقت أطروحاتهم ، فأنت الحكم والقاضي ، فالمطلب والهدف واحد الصدق الأمانة الوفاء والإخلاص لأي شيء لك فيه مرام، حب ، احترام و غاية ، فالوفاء لك عنوان ...........؟؟!!


الدكتور موسى الحسامي العبادي
alhusami.mousa@gmail.com