نظام التفتيش القضائي

اخبار البلد 
عندما صدر نظام التفتيش القضائي، وتضمن نصوصا وأحكاما لبيان انجاز القضاة وكيفية السير في الدعاوى التي ينظرونها، وأوقف ترفيعهم على تقارير المفتشين، استبشر الناس خيراً، وظنوا أن من شأن هذا النظام تسريع النظر في القضايا المتراكمة أمام المحاكم.
ولكن الذي حدث أن هذا النظام بقي حبراً على ورق، لم يُفعل ولم يعمل به، والمسؤولية في ذلك تقع على عاتق وزراء العدل المتتابعين، الذين يقع عليهم عبء تطبيق هذا النظام.
وبتجميد أحكام هذا النظام لم يعد من الضروري وجود أي تقرير من التفتيش القضائي للترفيع، وهكذا لم يعد هناك ما يمنع من تأجيل الدعاوى وعدم البت بها عدة أشهر أو عدة سنين، ولم يعد هناك ما يمنع من تأجيل الدعوى أو الكشف عشرات المرات عن السبب نفسه، ولم يعد هناك التماس للعذر عدة مرات للتأجيل أو الغياب.
ولو راجعنا ملفات المحاكم لوجدنا فيها أشياء كثيرة من هذا القبيل؛ فمثلاً المادة 77 من الأصول لا تجيز تأجيل الدعوى لنفس السبب أكثر من مرتين.
والكثير من الملفات القضائية نجد فيها أن الدعوى تتأجل عشر مرات وعشرين مرة لنفس السبب! من مثل: لم يرد الملف المطلوب ولم يحضر الشهود.. ولم يتم الكشف ولم يحضر الخبراء.. ولم يتم التدقيق!
كما أن نفس المادة لا تجيز تأجيل الدعوى لأكثر من اسبوعين، وأي دعوى نجدها مؤجلة عدة مرات لثلاثة أو أربعة أسابيع.
وفي بعض القضايا لا يجوز سماع البينة الشخصية، ولكن المحكمة تقرر سماعها ولا تجدي كل اعتراضات الخصوم في الرجوع عن القرار.
وفي بعض القضايا هناك بينات غير ضرورية مثل جلب ملفات الإفراز في قضايا الاستملاك، أو جلب ملفات الاستملاك في قضايا استرداد رسوم التحسين.
ومع ذلك، تقرر المحكمة جلبها وتتأجل الجلسات عشرات المرات مع أن بعض الملفات المطلوبة موجودة لدى طرف من أطراف الدعوى! ولو قررت المحكمة تكليفه بجلبها أو بجلب صورة عنها، واعطته مهلة كافية لسارعت في فصل الدعوى وعدم تأخيرها، ومثل ذلك عندما يكون الشهود موظفين في إحدى الدوائر أو الشركات، وتكون هي التي طلبتهم بواسطة المحكمة.
فإن تكليفها باحضار شهودها يسارع حتما في فصل الدعوى وفي تحقيق العدالة.
وهناك عشرات القضايا التي أقيمت من أصحابها قبل أشهر أو سنوات ولم يجر تعيين جلسة لها، وعند المراجعة يقال إن عنوان المدعى عليه غير معروف!
مع أنه يكون معروفاً وقد يكون دائرة رسمية من دوائر الدولة، ولكن التبليغ يذهب بالبريد ولا يعود! وهكذا تتعطل الدعوى وتتضرر مصالح الناس لسبب لا يد لهم فيه.
كمثل على ذلك، فإن إنذارا عدلياً أرسل إلى الأمانة في 14/4/97، ولم يعد صك التبليغ إلا بعد ستة أشهر.
فإذا أضفنا إلى كل ذلك التعالي والبروقراطية التي يتسم بها البعض في صد المواطنين وعدم إجابة طلباتهم، أو الطلب منهم الحضور غداً لأن الموظف مشغول، أو مراجعه دوائر أخرى، أو دفع رسوم لا لزوم لها، أو تقديم طلب خطي دون ضرورة، لوجدنا أن كل ذلك بحاجة إلى تفتيش قضائي فعال، يضع الأمور في نصابها ويحافظ على مصالح الناس ويحقق العدل وينشر العدالة. وقديماً قيل: العدل أساس الملك.