كذبة استقلال القضاء في بلاد الاستبداد

اخبار البلد 
لم يكن حسني مبارك فريدا في المستبدين عندما اخترق القضاء وحوله إلى واحدة من أذرع البطش بالخصوم السياسيين؛ فاستقلالية القضاء مثل استقلالية الإعلام واستقلالية الجامعات واستقلالية الأزهر والمفتي واستقلالية الجيش، وغيرها من مؤسسات المجتمع والدولة التي يفترض أن تكون على مسافة واحدة من الحاكم والمحكوم.في كل الجرائم التي ارتكبت في عهد مبارك، والمخالفة لأبسط مبادئ القانون والدستور وحقوق الإنسان، كان القضاء لا صوت له. اليوم، يتصدر القضاء، وبخفة لا تليق به، اللعبة السياسية، تماما كالمفتي والإعلام والجيش، ويضع نفسه في خدمة الطغاة الراحلين. فهو يبطل عضوية ثلث مجلس النواب وهم الذين فازوا في أنزه انتخابات في تاريخ مصر، ويبطل قانون العزل السياسي الذي يجسد الثورة في تشريع؛ فالثورة قامت ضد نظام لا ضد شخص.لقد استفاد الطغاة من "صمود" الطاغية بشار الأسد، وها هو العالم يتفرج عليه وهو يرتكب مجزرة تلو مجزرة. عسكر مصر ندموا على انهيارهم السريع أمام الشارع، وقرروا استعادة زمام المبادرة من خلال أدواتهم في القضاء والإعلام ورجال الأعمال، وهم مستعدون لارتكاب مزيد من الجرائم، ولديهم قضاء يبرئهم، ومجتمع دولي يتغاضى عنهم، باعتبارهم حماة إسرائيل.مشكلة الثورة في طيبتها التي لا تليق مع هذه الأشكال. تسامت على الجراح وأعطت العسكر فرصة ليكونوا شركاء في الثورة، ولكنهم ظلوا أوفياء لسيدهم في سجنه. فجيش مبارك لا علاقة له بالجيش المصري كما هو في الوجدان، حوله مبارك إلى مجموعة من رجال الأعمال الفاسدين. فحجم استثمارات الجيش والمخابرات أكبر من أي شركة في مصر، وفساد أحمد شفيق نموذج لذلك. فهو برتبة فريق عسكري، لكنه والغ في الفساد؛ منح أراضي لأولاد مبارك، وشقيقه يبيع اليوريا المدعومة المخصصة للمزارع المصري إلى الإسرائيليين، إضافة إلى صفقات الفوسفات. إن إفساد القوات المسلحة كان استراتيجية ناجحة في السيطرة عليها. فالضابط يريد مكاسب وامتيازات، وغير معني بحماية الوطن المنهوب.غير "البزنس" وظيفة الجيش، التي باتت حماية إسرائيل، وموقفه في حصار غزة وحربها وملاحقة المقاومين مخز، وقد أعطاه وزير العدل صلاحيات الاعتقال والتوقيف، أي قونن أحكام الطوارئ، بمعنى أنه تحول رسميا إلى جهاز أمني. ولا يوجد جيش في العالم لديه هذه المهمة، كل جيوش العالم واجبها القتال دفاعا عن الوطن لا اعتقال المواطن، وهذه من سوابق "طغاة ما بعد الثورة"!إننا أمام ثورة مصرية ثانية. فالانتخابات ستشهد تزويرا مدعوما من القضاء، ولن يسمح لمرسي بالفوز. هذا الشعب لا يهزم، وأولئك الفاسدون لن يجدوا بلدا يؤويهم لا هم ولا من يقتدون به. فالسفاح بشار سيفاجئهم بسقوطه المروع، وسيكتشفون أن الشعب" باق وأعمار الطغاة قصار". وقدر المصريين كما الصحابة "وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم"؛ فهم شوكة الثورة ولمثل هذا اليوم ولدتهم أمهاتهم.yaser.hilila@alghad.jo