تتسابق المؤسسات ، والجماعات ، والتجمعات على اختلاف مشاربها، ومذاهبها السياسية، والفكرية على ترديد شعار واحد قد حفظوه غيباً هو – الأردن أولاً – وبات الكل ينظّــرُ على الكل بأن الأردن أولاً ، وأخذوا يجرّمون من لا يجهر بهذا القول ، ويعتبرونه خارجاً عن محبة الأردن وطناً ، وشعباً ، وأما في الجانب التطبيقي فإن من يتابع مردود هذا الشعار على المؤسسات ، والجماعات بتجمعاتها لا يجد أدنى بصمة من الشعار ، فهو غائب تماماً عند التطبيق ، وبالتالي فهو دون معنى ، أو وظيفة وطنية ، وإن بحثت عن صداه في المؤسسات فإنك لن تجد لا عند الموظفين ، ولا في القرارات ملامحه ، أو ما يدل عليه ، وحتماً ستلمس شعاراً واحداً يتمثّــلُ به الجميع هو – أنــا أولاً - ، وكم سيكون عندها حُزنك ، وكم ستكون مهزوماً أمام قناعات آمنت بها ، وحفظتها عن ظهر قلب من المنظّــرين ، وأصحاب القرارات ، وكأنك وحدك الذي تؤمن بهذا الشعار ، ووحدك تعمل من أجله .
رغم ما تربينا عليه من مفهوم عام للعروبة ، وللقومية ، ورغم القناعات التي تولدت لدينا من هذا المفهوم ، والممارسات الحقيقية التي مارسناها تطبيقاً لهذه القناعات ، فإننا قبلنا بشعار الأردن أولاً من منطلق عروبي أيضاً ، فإذا كان أي بلد عربي بخير ، فالأردن بخير ، وبالتالي ، فإذا كان الأردن بخير ، كذلك الوطن العربي بخير ، وفهمنا نحن عامة الناس أن لهذا الشعار لغة عملية لنصل إلى معتاه ، ونقوم على تطبيقه ، وإلاّ فما قيمة ما نعتقد إذا كنا سنخونه عند أول منعطف ذاتي ، بأنانية نتنه .
أقولها ببساطة وصراحة إننا لم نصل بعد إلى مفهوم الأردن أولاً ، ولو حاول كل فرد منا تطبيق هذا الشعار لما وقعنا في فساد مالي ، وسياسي ، واجتماعي ، فالذي يعمل صادقاً من أجل الأردن ، يعطي الوطن حقه ، والمواطن حقه ، ونحن نرى أن الوطن لم يصله حقه ، والمواطن ما زال يبحث عن مكان يقف فيه ليطالب بحقه ، وإلاّ كيف نفسر جوع الجماعة ، ولا أقول الأكثرية ، كيف نفسر امتهان الكاتب ، والفنان ، والمبدع ؟؟