سؤال: الشباب، نعمة أم نقمة ؟

هل الشباب نعمة أم نقمة في الأردن؟ سؤال مغموس بمرارة الإقرار بفشل مبادرات التنمية منذ بدأ الأردن بما سماه برامج الإصلاح.
ألم يتحدث مسؤولونا في المحافل الدولية والمحلية عن إنجازاتنا ويتغنون بنعمة "الشباب"، مستقبل الأردن؟ أليس الشباب بعمله وجهده مصدر دخل وسؤدد للبلد؟ فكيف إذا يكون الشباب نقمة على هذا البلد أو أي بلد؟ الإجابة: يصبح الشباب نقمة حين لا يستطيع الأردن توظيفهم، فينمو اقتصاده واستثماراتهم وينسى أن يوظفهم، بل وتزداد نسب التعطل عن العمل لديهم، ويصدر أفضلهم بعشرات بل بمئات الآلاف ومنذ عشرات السنين دون حساب أو سؤال، ثم يستورد بلدهم، الرابع عربيا من حيث تدني مستوى الدخل، نصف مليون عامل ضيف بدلا منهم.
تثقل الصدر الأرقام وتحوصل ثمار وقصة فشل اقتصادي ذريع، سببه التوجه ببلاهة نحو أرقام النمو بدلا من التنمية. فبينما يصل عدد السكان الى 6.5 مليون نجد أن عدد القوة العاملة لا يتعدى 1.2 مليون نسمة من بين 3.5 مليون قادر وراغب في العمل، ليعيل كل شخص (إن عملوا جميعا) خمسة أشخاص آخرين تقريبا.
وإذا ما أتينا على ذكر النساء، نجد أن واحدة فقط من سبع نساء يعملن، مع أنهم أكثر من الرجال تعليما. وأن أكثر من يعملون هم من غير المتعلمين من الرجال، ويمضي الخريجون وقتا أطول في البحث عن العمل من ذلك الوقت الذي قضوه في التحصيل العلمي في الجامعات.
ولا يصل الأردني ذروته في التوظيف إلا بعد سن الأربعين فيقضي شبابه بلا أمل، ثم يلام حين يتقدم طلبا للوظيفة في القطاع العام مع علمه بأن القطاع مقبرة للأحلام له ولمن حوله.
سؤال: ألم تتمتع بنسب نمو حقيقية (بعد الغلاء) تفوق 8% في الفترة 2004-2008، ونسبة نمو 6.7 % في الفترة 2000-2008؟ ألم تنم الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 10.1% سنويا خلال ذات الفترة ذاتها؟ ألا يفترض ان يؤدي كل هذا الى نسب بطالة تقل عن 10%، بل تقل عن 5%؟ المفروض ذلك، ولكن في بلد يخلو من مراكز الفكر والبحث ولا يحتاج صناع القرار فيه الى أفكار الاقتصاديين ويتهمون من ينتقدهم بالمشاغبة والتنظير يرفض صناع القرار أي تنبيه الى أن معدلات البطالة كانت ترتفع مع ازدياد النشاط الاقتصادي في بلد تصل فيه نسبة السكان الذين في سن العمل الى 60% تقريبا من السكان.
ما فائدة معدلات النمو إن لم توظف اهل البلد؟ ألم ترفض وزارة نشر تقرير لسنوات لأنه توصل الى أن 70% من الوظائف التي نجمت عن النمو ذهبت الى غير الأردنيين؟
ألم تحذر الأجندة التي وأدها أصحاب العقول المستفيضة باللا شيء منذ 6 أعوام بأن الشباب والعمل أهم ما علينا ان نفعله؟ ألم ننبه الى أن مستويات البطالة في المحافظات أعلى منها في العاصمة وإلى أن هذا يحتاج الى حلول جذرية وهيكلية وأن النشاط الاقتصادي يتمركز في العاصمة فقط وأن الحلول الوطنية الفعالة والمستمرة كان يجب لها أن تبدأ منذ سنين؟ ولماذا لم يستمع المسؤول أو غيره؟ الجواب لديكم.
والآن أحذر مرة اخرى في حوار الطرشان القابع في بلدي منذ زمن: شغلوا الشباب اليوم قبل غد قبل أن تصبح النعمة نقمة. ولن يتم لكم ذلك إلا من خلال تنشيط الاقتصاد أولا وبالطريقة الصحيحة والآن. لذا، وحين تصل المساعدات، أنفقوها داخل البلد وفي سبل تنشيط الاقتصاد داخل العاصمة وخارجها وليس على سداد الدين ودفن الرأس في الرمال.