التهرب التأميني يُضعف دور الدولة في تحقيق أهدافها التنموية ويُخل بمفهوم العدالة في الحقوق



اخبار البلد_ قال مدير المركز الاعلامي في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي موسى الصبيحي بأن المؤسسة تتابع باهتمام بالغ حقوق الطبقة العاملة، من ناحية شمولهم بالضمان باعتباره حقاً أصيلاً من حقوقهم، وأن من واجب المؤسسة العمل على مساعدتهم في الحصول على هذا الحق ، وهو ما يتوافق مع رسالة المؤسسة بالإسهام في الأمن الاجتماعي والتنمية الاقتصادية عبر تطبيقها للنظام التأميني ، كما يأتي هذا الهدف انطلاقاً من رؤية المؤسسة في السعي لضمان اجتماعي شامل يتسم بالريادة في الخدمة والحماية والاستدامة، ويسهم في دفع عجلة التنمية في المملكة.

واكد الصبيحي خلال لقائة مندوبي وسائل الاعلام للحديث عن الحملة الاعلامية للمؤسسة المتعلقة بالحد من التهرب التأميني بحضور مدير ادارة الرقابة التأمينية والتفتيش بالمؤسسة طارق الحمود ومدير الاعلام والاتصال الناطق الاعلامي باسم وزارة العمل هيثم الخصاونة بأن التهرب التأميني ظاهرة موجودة في كل العالم، وتعاني منها كافة الأنظمة التأمينية، وهي تتفاوت من دولة إلى أخرى ، مشيراً بأنه كلما ازداد حجم التهرب التأميني كلما أدى ذلك إلى إضعاف دور النظام التأميني في الإسهام بالحد من الفقر، وفي تحقيق الأمن الاجتماعي ، وبالتالي فهذه الظاهرة تؤثر سلباً على الاقتصاد الكلي والتنمية الشاملة.

وأشار الصبيحي بأن ظاهرة التهرب التأميني لها آثار خطيرة على المجتمع وتؤثر سلباً على الأمن الاجتماعي والاقتصادي حيث تحول دون تمكين الدولة من تحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية وبخاصة على صعيد حماية الإنسان ، وتقود إلى الإخلال بمفهوم العدالة في الحقوق، وتحديداً حقوق الطبقة العاملة المنتجة في المجتمع، وهو ما يؤدي بالتالي إلى خلق نوع من الخلخلة الاجتماعية في المجتمع ، بالاضافة إلى زيادة رقعة الفقر نتيجة خروج أناس من سوق العمل دون الحصول على رواتب تقاعدية أو تعرضهم للعجز دون الحصول على رواتب معلولية، أو تعرضهم للوفاة دون حصولهم ذويهم على رواتب تصون حياتهم من العوز والفاقة ، كما يؤدي التهرب التأميني الى إضعاف قدرة مؤسسة الضمان الاجتماعي على تحقيق أهدافها ورؤاها في التنمية والحماية ، وكذلك الاخلال بسياسات التشغيل الوطنية، من خلال تشجيع العمالة الوافدة على العمالة الوطنية.. باعتبار أن تهرب أصحاب العمل عن شمول العاملين لديهم بالضمان يستقطب العمالة الوافدة وينفّر العمالة الوطنية التي تسعى دائماً للبحث عن الأمن الوظيفي والاستقرار والمستقبل المضمون .

وأضاف الصبيحي بأن اطلاق الحملة الاعلامية للتهرب التأميني ينسجم تماماً مع إطلاق المؤسسة لمبادرة أرضية الحماية الاجتماعية، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، وهي مبادرة أممية تستهدف مساعدة الدول والحكومات على التوسع التدريجي في إجراءات الحماية الاجتماعية ومنظومتها بهدف تحقيق حد أدنى من أمن الدخل للمواطن والنفاذ إلى الرعاية الصحية الأساسية لكافة المحتاجين، وردم فجوة التغطية في الضمان الاجتماعي، ويجب أن يرتكز هذا التوسع إلى مبادرات وبرامج تقوم على تنفيذها المؤسسات التي تُعنى بالحماية الاجتماعية، وتعتبر الأردن أول دولة في المنطقة تطلق هذه المبادرة ، مؤكداً بأنه تزداد أهمية إرساء أرضية الحماية الاجتماعية في أوقات الأزمات المالية والاقتصادية، حيث تشكّل عامل استقرار اقتصادي تلقائي (مثبّت اقتصادي اجتماعي Stabilizer).

وأوضح الصبيحي بأن الحماية الاجتماعية كمنظومة متكاملة تتضمن: الضمان الاجتماعي، التأمين الصحي، الأجور العادلة(مستوى دخل مقبول)، تعليم ملائم، فرص عمل مناسبة، تمكين المرأة، بيئة عمل سليمة وآمنة..) .

وبين بأن من أهم أسباب ضعف الحماية الاجتماعية في المجتمع عدم استقرار التشريعات، والتضارب وعدم التنسيق بين الجهات المعنية بالحماية، وعدم تكييف سياسات التشغيل والتقاعد، وكذلك اتساع قطاع العمل غير المنظّم، وضعف مشاركة المرأة في سوق العمل، بالإضافة الى ضعف منظومة وأدوات الرقابة، وضعف معدلات الأجور، وضعف التشغيل.

وأشار بأن الضمان يغطي حالياً حوالي (62%) من إجمالي المشتغلين في المملكة، وإذا أخذنا بالاعتبار أن الأنظمة التقاعدية الأخرى في المملكة تغطي حوالي (20%)، فإن هنالك حوالي (18%) من المشتغلين ما زالوا بدون تغطية، ونسبة منهم من العاملين لحسابهم الخاص وأصحاب العمل ، مضيفاً بأن حجم النظام التأميني الذي تقوم عليه مؤسسة الضمان يصل إلى حوالي خُمس سكان المملكة ( 1,25 مليون إنسان ) ما بين مشترك ومتقاعد ومستحق.

وبين بأن أبرز التحديات التي تواجه نظم الضمان والتأمينات الاجتماعية تتمثل في شمولية التغطية"الشمولية الاجتماعية"، والملاءمة "كفاية المنافع والتوازن" والاستدامة المالية "تمويل المنافع واستمراريتها"..

وأكد الصبيحي أهمية شمول مظلة الضمان للعاملين في المشاريع الصغيرة والمتناهية والمتوسطة التي تشكل أكثر من (95%) من عدد المنشآت المسجلة في المملكة مبيناً أن دور هذه المشاريع مهم في الاقتصاد ، فحسب التقديرات الدولية لمساهمة هذه المشاريع في الناتج المحلي الإجمالي في الدول النامية فهي تتراوح ما بين (50% - 70%) ، لكن مساهمتها في الأردن ما زالت تتراوح حول 40% فقط من الناتج المحلي الإجمالي, ومع ضعف هذه المساهمة إلاّ أن هذه المشاريع توفر حوالي 70% من فرص العمل المستحدثة سنوياً في الاقتصاد الوطني، وتشغّل 49% من الأيدي العاملة، لذا من المهم أن يحظى العاملون في هذا القطاع الصغير والمتوسط بالحماية الاجتماعية حتى نضمن رفع مستوى مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي ويكون قطاعاً مشجّعاً للأردنيين على ارتياده.

وعرض الصبيحي ثلاث حالات وفاة حصلت لعمال وعاملات ناجمة عن اصابات عمل ووفاة طبيعية واستفاد الورثة من رواتب الوفاة بعد فترات قصيرة جداً من شمولهم بالضمان نتيجة التزام اصحاب العمل بشمولهم منذ اليوم الأول لالتحاقهم بالعمل ، وفي الوقت ذاتة عرض لحالات وفاة تبين ان العاملين المتوفين لم يكونوا مشمولين بالضمان رغم انهم كانوا يعملون لدى جهات عمل مختلفة ولفترات طويلة، ولم يستفد الورثة من أي رواتب من الضمان نتيجة التهرب من قبل بعض اصحاب العمل وعدم مبادرة هولاء العاملين بالسؤال عن حقهم بالضمان اثناء فترة عملهم ، كما عرض أمثلة عن حالات لعدم جدية بعض مؤسسات القطاع العام وعدم اهتمامها بشمول فئات من العاملين لديها بمظلة الضمان تحت حجج مختلفة مشيراً بأن المؤسسة تتابع حثيثاً هذه الجهات حيث بدأت بشمول بعض هذه الفئات التي لم تكن مشمولة من قبل ، مستهجناً وجود مثل هذه الظاهرة لدى بعض مؤسسات القطاع العام التي يفترض أن تكون مبادرة ومنسجمة في ممارساتها مع سياسة الدولة في الحماية وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي .

وأضاف بأن الحملة الاعلامية التي اطلقتها المؤسسة للحد من هذه الظاهرة تأتي ترجمة للأهداف الاستراتيجية للمؤسسة للأعوام 2012 – 2016 والتي تضمن أحد اهدافها الاستراتيجية "مدّ مظلة الضمان الاجتماعي والحد من التهرب التأميني" مضيفاً بأن اهداف الحملة تتمثل في ابراز ظاهرة التهرب التأميني كأحد أهم التحديات التي تواجه نظام الضمان الاجتماعي والحد منها ، وتوضيح تأثيراتها السلبية على منظومة الحماية الاجتماعية في المملكة ، وترسيخ ثقافة مجتمعية لنبذ ومحاربة هذه الظاهرة ، بالاضافة الى ابراز دور وسائل الاعلام في التعريف بهذه الظاهرة وانعكاساتها السلبية ، واستنهاض دور النقابات العمالية والمهنية ومؤسسات المجتمع المدني بهذا المجال ، وحث العاملين في المنشآت على الاستفسار والتأكد من شمولهم بالضمان الاجتماعي وعلى اساس اجورهم الحقيقية ، وكذلك إبراز أهم القطاعات التي تتهرب من شمول العاملين لديها بالضمان ، وحث اصحاب العمل على شمول جميع العاملين لديهم دون استثناء ، وابراز التأمينات المشمولة والمطبقة بقانون الضمان الاجتماعي وبيان اهميتها للقوى العاملة .

واستعرض الصبيحي محاور الحملة الاعلامية للحد من التهرب التأميني والتي تتمثل باللقاءات الصحفية, ومبادرة " إسال عن حقك في الضمان ", والرسائل الارشادية في الصحف اليومية ، والبيانات الصحفية, واللقاءات الاذاعية والتلفزيونية ، بالاضافة الى تنظيم لقاءات وورش عمل لدى الجهات النقابية والمهنية والعمالية ، وتنظيم جلسة نقاشية حول التهرب التأميني ، والتعاون مع وسائل الاعلام ، وكذلك تنظيم لقاء لكتاب الاعمدة اليومية لوضعهم بصورة هذه الظاهرة, واصدار نشرات وبوسترات عن التهرب التأميني ، واطلاق مبادرة للخريجين في بعض الجامعات لتعريفهم بحقوقهم بالضمان والسؤال عن هذا الحق مستقبلاً تحت عنوان " نبارك تخرجك " ، ونشر قصص واقعية لمجموعة من العاملين تأثروا هم وأسرهم نتيجة عدم شمولهم بالضمان .

من جانبه قال مدير ادارة الرقابة التأمينية والتفتيش في المؤسسة طارق الحمود بأن انظمة الضمان الاجتماعي في العالم تعاني من ظاهرة التهرب التأميني والتي تعددت أنواعه وأشكاله سواء اكان مباشراً اوغير مباشر ، ويتمثل التهرب المباشر في عدم شمول المنشأة لجميع العاملين فيها او عدم شمول العامل لكامل فترات عمله أو شموله بالاجر غير الحقيقي ، ويتمثل التهرب غير المباشر في عدم قيام المنشأت بتسديد الاشتراكات المستحقة عليها بتاريخ استحقاقها أو حصول المؤمن عليه على حقوق تأمينية دون وجه حق .

وأضاف الحمود بأنه ما يساعد على زيادة إنتشار هذه الظاهرة عوامل كثيرة تتمثل في القصور بالتشريعات والتعليمات النافذة ، وعدم وجود العمالة المدربة والواعية لحقوقها التأمينية ، وعدم وجود تنسيق وتعاون بين المؤسسات الحكومية.

وأشار الحمود بأن المؤسسة تعمل حالياً على ترجمة محاور خطتها الاستراتيجية للاعوام (2012-2016) المتعلقة بمد مظلة الحماية الاجتماعية والحد من التهرب التاميني واعداد منهجية خطة التفتيش السنوية التي تعدها إدارة الرقابة التأمينية والتفتيش المعتمدة على الاولويات والمخاطر في توجيه فرق التفتيش الموجودة في فروع المؤسسة لتحقيق الاهداف المحددة في الخطة اضافة الى تعزيز كادر التفتيش بالاعداد الكافية وتدريبهم بشكل جيد للقيام بهذه المهمة , مشيراً بأنه في ضوء إزدياد اعداد المنشأت المشمولة لابد من البحث عن أساليب معززة ومساندة للتفتيش من خلال زيادة التنسيق والتعاون مع الجهات الرسمية وزيادة الوعي التاميني من خلال اطلاق حملات اعلامية منظمة للمنشآت والافراد من خلال المركز الاعلامي في المؤسسة بالتعاون مع ادارة الرقابة التامينية والتفتيش والادارات الاخرى موجهة لتخفيض نسبة التهرب التأميني والحد منه .

وبين الحمود بأن المؤسسة أنتهجت خلال الاعوام السابقة وضمن برامجها وخططها الاستراتيجية والتشغلية الى زيادة نسبة الشمول من خلال انجازها لمشروع توسعة الشمول استناداً للخطة التي اعدتها إدارة الرقابة التأمينية والتفتيش من خلال زيادة اعداد المفتشين وتدريبهم بشكل جيد والعمل على التنسيق مع الجهات الرسمية حيث كانت النتائج المتحققة ونسب الشمول للعاملين من المشتغلين قد إزدادت من (835) الف مؤمن عليه وبنسبة 53.4% عام 2009 إلى (955) الف مؤمن عليه وبنسبة 62.4% عام 2011 وهي من النسب العالمية الجيدة , حيث ان نسب الشمول في دول العالم متوسطة الدخل تتراوح بين (20%-60%) ونحن في المؤسسة ومن خلال منهجيات عملها وخططها تجاوزنا هذه النسبة التي وصلت نهاية عام 2011 الى 62.4%.

ودعا الحمود جمهور المؤسسة والقوى العاملة الى السؤال عن حقهم بالضمان والتفاعل مع المبادرة التي أطلقتها المؤسسة بهذا الخصوص والتي تهدف الى حث جمهور المؤمن عليهم والعاملين لمعرفة تفاصيل اشتراكهم بالضمان وإبلاغ المؤسسة في حال عدم قيام أصحاب العمل بإشراكهم بأحكام القانون أو عدم شمولهم بالفترات الصحيحة أو على أساس أجورهم الحقيقية وذلك عبر الاتصال بالنافذة الهاتفية على الرقم المجاني (080022025) من أي هاتف أرضي من داخل المملكة وكذلك على الرقم (065008080) من أي هاتف أرضي أو خلوي من داخل المملكة أو خارجها طيلة أيام الأسبوع من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثامنة مساءاً ما عدا أيام الجمع من الساعة الثانية عشرة ظهراً ولغاية الساعة السادسة مساءاً أو مراجعة أي من فروع ومكاتب المؤسسة المنتشرة في جميع محافظات المملكة أو من خلال خدمة الاستعلام الالكتروني ، حيث ستتعامل المؤسسة مع المعلومات التي سيدلون بها بسرية تامة ، وستقوم بناءاً على هذه الشكاوى بالتحقق من المعلومات الواردة فيها ومعالجتها بما يحفظ حقهم في الشمول بالضمان الاجتماعي .

وأضاف الحمود بأن على العامل إبلاغ المؤسسة بعدم قيام المنشأة التي يعمل لديها بالتامين عليه بالضمان خلال مدة لا تتجاوز سنة من تاريخ التحاقة بالعمل ، وفي هذه الحالة تلتزم المؤسسة بأداء الحقوق المقررة للمؤمن عليه أو للمستحقين عنه عن مدة لا تتجاوز سنة واحدة سابقة لتاريخ الابلاغ في حال ثبوت حقه في الشمول بالتأمين ، واذا لم يبلغ العامل عن عدم شموله بأحكام القانون خلال هذه الفترة فأن المؤسسة لا تلتزم بأداء الحقوق التأمينية له أو للمستحقين عنه الا بصدور قرار قضائي قطعي في دعوى تكون المؤسسة طرفاً فيها وباستيفاء المؤسسة كامل المبالغ المترتبة لها عن مدة شمول العامل بأحكام قانون الضمان .