الدينار .. هل من مبرر للقلق ؟

اخبار البلد 
التذكير بسيناريوهات ما حصل عام 88 لإستدعاء مخاوف تخفيض سعر صرف الدينار , إسقاط ليس في مكانه , ليس فقط لأن الظروف غير متشابهة , بل لأن الأسباب غير متوفرة كذلك .
لم يعد خافيا أن وتيرة الطلب على الدولار تزايدت مؤخرا مع دخول الصيف , لكن ما جعل تفسير هذا الطلب المتزايد يجنح الى المخاوف هو سريان الشائعات حول الدينار وهي شائعات غير مدعمة بأية أسباب فنية.
ما يؤكد صدق التطمينات هو أن الطلب على الدولار وهو لا يزال في حدود حجمه الطبيعي يتم تلبيته فورا ما يعني أن البنك المركزي يقوم بتزويد السوق بحاجته من الدولارات والعملات الأخرى بكل يسر .
ما أن رصدت بعض مكاتب الصرافة هذه الزيادة حتى أبدت بعض التحوط ومع أنه ليس سلوكا طبيعيا من جانب هذه المكاتب التي لا يبدو أنها تعاني عسرا في الحصول على العملات وفي مقدمتها الدولار , لكن اللافت هو قيام بعض البنوك وبمبادرات ذاتية غير مسؤولة بالإتصال بزبائنها المميزين لتحسس رغبتهم بتحويل بعض أرصدتهم الى الدولار !!.
يرتبط الحديث عن وضع الدينار , بعدة ظروف , في مقدمتها الحديث عن عجز كبير للموازنة , وزيادة في المديونية وتراجع حوالات المغتربين وتراجع التدفقات النقدية بالعملات الصعبة سواء من قطاع السياحة أو من الإستثمار , وهو نتيجة طبيعية لما يحصل حولنا ولما يمر به العالم من أوضاع إقتصادية صعبة , إضافة الى إجراءات حكومية تمس الضرائب وهي عوامل صحيحة , لو أن أساسا لم يبن لمواجهة مثل هذه التقلبات ولو أن التطمينات غير المباشرة لا تطلق يوميا حول المساعدات والدعم القادم من دول الخليج ومن الدول المانحة.
في قائمة الأساسيات الإقتصادية في عوامل تعزيز وضع الدينار , يأتي حجم الإحتياطيات , فما حصل في عام 88 هو أن البنك المركزي لم يكن يملك الإحتياطيات الكافية لإسناد الدينار , أما في الوقت الحاضر ففي البنك المركزي إحتياطي كاف لتغطية المستوردات ولتزويد السوق بما يطلب وهي تزيد عما تحتفظ به دول كثيرة كما أن الإحتياطيات ذاتها أكثر من كافية لمواجهة المضاربات التي لم يسجل أنها حدثت حتى اللحظة .
مضى من الوقت الكثير على سياسة ربط الدينار بالدولار, وقد كان كافيا لتحقق مخاوف رافقت تطبيق هذه السياسة من بينها « الدولرة «بل على العكس يمكن بسهولة ملاحظة النمو الجيد لحجم الودائع ب العملة الوطنية في المقابل فإن الودائع بالدولار وبالعملات لا تزال ضمن معدلاتها .
ربما وجدت بعض التكهنات في قرار البنك المركزي الأخير برفع أسعار الفائدة مبررات للتخوفات , لكن تفسير القرار يمكن أن يحمل أكثر من قراءة في أبعادها المحلية والإقليمية والدولية , مثل التحوط من ضغوط تضخمية قادمة ناجمة عن زيادة الكلف ومنها زيادة الأسعار , ومراقبة أسعار الفوائد في دول مجاورة , ولا بأس من بناء حاجز صد لتعزيز جاذبية الدينار مقابل العملات .
السبب الأهم هو زيادة جاذبية الدينار كوعاء إدخاري , .على حساب الدولار وغيره من العملات , وهو قرار يمكن أن برى فيه أصحاب النوايا الحسنة قرارا حصيفا يستبق الأحداث , أما بالنسبة لأصحاب النوايا متعددة الدوافع , فهو مبرر لمزيد من إشاعة القلق.
ثمة ثوابت في السياسة النقدية , لا نقول أنها لا تتغير أو لا تخضع للمراجعة , لكن ما يميزها هي أنها تلائم أوضاع وظروف الاقتصاد الأردني , وفي كل مرة كان يراها البعض من وجهة نظره خاطئة , كانت الأحداث تثبت صحتها , وجل الأمر يكمن بالفرق بين النظرة المؤسسية للتطورات وبين وجهات النظر حولها .