مصر بداية مرحلة أم نهاية مرحلة؟

اخبار البلد 
الحكم على مبارك بالمؤبد وأولاده بالبراءة في نظر الأغلبية الثائرة المصرية زاد الطين بلة ونقل مصر الى مرحلة جديدة، وأعادها الى المربع الاول حين بدئ وكأن المصريين قد ضحك عليهم وجرى الالتفاف على ثورتهم ويبدو أن هناك شكلاً من المقايضة ما بين المحاكم والحكم القائم وهو حكم العسكر الذي تم فيها اعلان الاحكام..
صحيح أن بعض المصريين يريدون براءة مبارك والبعض الآخر يريد اعدامه وقد جاء الحكم عليه بالمؤبد متوازناً لجهة أن مبارك كبير في السن ولن تكون براءته معقولة وبقاؤه في السجن لما تبقى له من عمر أسلم لحياته..اما تبرئة أولاده وخاصة الاكبر «جمال» منهم والذي تولى مواقع في الحزب الوطني الحاكم (مسؤول السياسات) ففيه الكثير من التشكيك وبالتالي تمكين أولاده من الخروج وتحريك ما يمكن تحريكه من أجل حسن الختام لمبارك وايضاً محاولة تخليص بقية من أركان الحكم الذين يعتقدون انهم يستطيعون تخليصهم..
مصر ليست متطرفة والمزاج المصري ليس متطرفاً..والعسكر ما زالوا يشفقون على رئيسهم مبارك وما زالوا يحرصون على أن يحافظوا على الحد الأدنى من كرامته ما داموا موجودين في السلطة ويبدو لو أن مبارك حوكم من قبل لكان الحكم أقسى ولو انتظر المحاكمة من بعد أي بعد تسليم الحكم من العسكر الى من سيفوز في الانتخابات النهائية القادمة لكان أصعب ولطال رموز وأشخاص أكثر وحتى أولاد مبارك ومن هنا جاء تهديد مرشح الاخوان المسلمين «مرسي» بأنه ان فاز سيعيد المحاكمة وهذا ما ينسجم مع توجه الاسلاميين اللاحق في تصفية الحسابات مع خصومهم حتى لو لم يقل «مرسي» ذلك ومن هنا جاء الحكم على مبارك وأولاده في هذه المرحلة وقبل الانتقال الى رئاسة مدنية للجمهورية الثانية المصرية..
من المستفيد من هذه الاحكام؟ وما ردود الفعل؟ وهل فلول النظام ستعيد ترتيب صفوفها وتستأنس بسهولة الاحكام وامكانية تبرئة الكثير ممن شاركوا في الحكم وارتكبوا الأخطاء فيه؟..هذا التقدير وارد اذ لم ترسل المحكمة حتى الآن رسائل قوية ومخيفة ورادعة سيما في تبرئة ابناء مبارك ومساعدي وزير الداخلية وكثير من الرموز..بالمقابل فإن الشارع المصري الذي لم تعجبه الاحكام قد يندفع الآن وراء مرشح الاخوان المسلمين لتكون الأحكام القادمة مختلفة او حتى لاعادة هذه الأحكام التي صدرت ومن هنا فإن الحكم على مبارك وأولاده سيدفع الناخبين لانتخاب رئيس معارض للنظام وهو بالتأكيد ليس الجنرال شفيق وانما خصمه (مرسي)..
عادت مصر الى الغليان وعاد ميدان التحرير يبحث عن الخلاص وعادت الشرعية للثورة حين رأى الجمهور الحراكي المصري ان شرعية الصناديق أعطت البرلمان للاسلاميين وان شرعية القضاء قد برأت كثيراً من المجرمين واخلت سبيل اولاد مبارك في اول تهم جرى النظر فيها .. اذن لم تنضج الثورة لتبني مؤسسات في البرلمان والقضاء تحميها وما زالت رخوة وما زال امتداد النظام السابق قادراً على الممارسة لتعطيل انتصار الثورة والاستفادة من ربيعها ..
هناك قوى داخلية في مصر تريد التغيير محجما، اولى هذه القوى الاخوان المسلمون الذي يريدونه بحجم وصولهم للبرلمان وقد وصلوا وبحجم وصولهم الى الرئاسة دون ان يكون التغيير ثوريا وشاملا وهناك العسكر الذي يرون ان التغيير لا يجوز ان يصل الى حد اجتثاثهم او محاسبتهم او سحب كل امتيازات موازناتهم المستقلة وهناك قوى خارجية .. عربية تدفع لأنصار الجنرال شفيق وناخبيه وفلول الحزب الحاكم حتى لا يحدث تغيير يجعل من مصر حالة مهددة للدول التي لم يبلغها الربيع او لا تريد ان يحكم الاسلاميون وهناك جهات دولية تريد التغيير في مصر شكليا لا يصل الى الجذور ولا يطرح ثماراً جديدة وانما استمرار المراوحة وبقاء مصر في حالة نزف وصراع داخلي معلق ..
مصر ما زالت في خطر وما زال من المبكر الحكم على ان ثورتها قد نجحت .. والرهان الآن مجددا هو على الشعب وقدرته على اعادة بناء مصر .. فما هي النتيجة المنتظرة؟