الإخوان المسلمين من إعالة الدولة إلى عالة على الدولة



لا احد يستطيع أن ينكر أن جماعة الإخوان المسلمين هم جماعة منظمة ولهم ثقل ووجود في الشارع الأردني ،ليس لعددهم بل لعدد المتعاطفين معهم .

فهم يستمدون قوتهم من الديمقراطية التي يفرضها الغرب على الأردن وبعض الدول العربية عبر توقيع عدد من الاتفاقيات بين الحكومة وبين عدد من المنظمات الغربية والتي تُعنى بحقوق الإنسان بالإضافة لوجود الإعلام والذي ينقل الصوت والصورة في تلك اللحظة والمناسبة ولا يعرف ما يدور بالكواليس قبل هذه اللحظة .

يزدهر وجود وحركة الإخوان المسلمين كلما ازداد الوضع الاقتصادي سوءا في البلد فهذه بيئة مناسبة لهم للتحرك في الشارع واستقطاب أعداد من الشباب.

في سنة 1945 أنشأت جماعة الأخوان المسلمين بمبادرة من الحاج عبداللطيف أبو قورة ،بالتنسيق مع المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر الشيخ حسن البنا وهذا إن دل إنما يدل على التنسيق بين الإخوان المسلمين بالأردن والأخوان المسلمين في مصر منذ ذلك التاريخ بوضع مخطط مشترك الأهداف والنتائج ،ومنذ عام 1945 بدأ الأخوان المسلمين بالتحرك لاستقطاب الشباب والمؤيدين لهم من خلال عقد المحاضرات والندوات.

وفي ذلك التاريخ أنشأت الكلية العلمية الإسلامية في عمان.

وفي عام 1948 شارك الإخوان المسلمين في الحرب ضد إسرائيل في سرية كان اسمها أبو عبيدة عامر بن الجراح .وكان عددهم آنذاك 120 رجل بقيادة الحاج عبداللطيف أبو قورة ففي ذلك الزمان كان الإخوان المسلمين عونا للدولة لا عبئا على الدولة وكانوا يعملون لصالح الدولة لا ضد الدولة وكانوا يقدموا خطط لا ينظروا فقط.

وقد استشهد في تلك الحرب سالم المبسلط وبشير سلطان .

وفي عام 1953 تم اختيار محمد عبد الرحمن خليفة مراقبا عاما للجماعة و تم إنشاء نظام أساسي واختيار هيئة عامة لهم ومنذ ذلك التاريخ بدا الإخوان المسلمين ينظمون عملهم ومأسسته والى الآن الإخوان المسلمين كانوا عونا للدولة فقد أنشأوا المدارس واهتموا بالمخيمات رغم بعض المناوشات التي كانت تحدث في ذلك التاريخ بين الحكومة والجماعة ولكنها لم تصل إلى أن تعمل كما الآن ضد الدولة.

وفي عام 1954 حددت جماعة الإخوان المسلمين سياستها ومبادئها .وهي إن الأردن جزء لا يتجزأ من العالم الإسلامي والحكم بشريعة الله وان قضية فلسطين هي قضية إسلامية لا بد إن يحشد لها جميع الإمكانيات المادية والمعنوية وهذه المبادئ لا نختلف عليها لغاية الآن .

ولكن الإخوان المسلمين اليوم وما انبثق عنهم هم الذين اختلفوا على تطبيق هذه المبادئ من حيث الفكر والتطبيق.

فمنذ عام 1956 بدا الإخوان المسلمين يشاركوا بالحياة البرلمانية حيث نجح لهم عام 1956 أربع مرشحين من ستة خاضوا الانتخابات كذلك شاركوا بانتخابات عام 1963 ونجح لهم اثنان ،وفي نفس العام تم إنشاء جمعية المركز الإسلامي الخيرية وأنشأ بعدها المستشفى الإسلامي ومدارس ومعاهد ولكن رغم هذا العمل الخيري فقد تراجع المد الإسلامي مقابل توسع المد اليساري والقومي و بعد هزيمة 1967 عاد المد والوجود الإسلامي بالعودة إلى الساحة من جديد .

فقد خذلت الأحزاب اليسارية والقومية الشعوب العربية و بدأت العلاقة تسوء بين الإخوان والحكومة والنظام وذلك لان الإخوان المسلمين بالأردن لم تعد أجندتهم أردنية بل أصبحت اخوانية على امتداد الوطن العربي.

ففي عام 1989 حصلت انتخابات برلمانية وعادت الحياة الديمقراطية إلى البلاد بعد سنين من الأحكام العرفية وقد حصل الإخوان المسلمين بهذه الانتخابات على 22 مقعدا هذا بالإضافة إلى رئاسة مجلس النواب لثلاث دورات متتالية.

وفي عام 1991 شارك الإخوان المسلمين بخمسة وزارات وفي انتخابات عام 1993 حصل الإخوان المسلمين على 17 مقعدا وفي هذا التاريخ تم انشاء حزب جبهة العمل الإسلامي وفي عام 1995 شارك الإخوان المسلمين بالانتخابات البلدية وحصدوا عدد من البلديات .

وعام 1997 قررت جماعة الإخوان المسلمين مقاطعة الانتخابات البرلمانية لتلبية وفرض شروطها على الحكومة.فقد عرفت الجماعة بان عدم مشاركتها بأي انتخابات تبقي ديمقراطية الأردن ناقصة أمام الغرب والعالم .

وبدأت منذ ذلك التاريخ الحركة الإسلامية تفرض شروطها المنطقية أحيانا والغير منطقية أحيانا أخرى ،و تستقوي بالغرب بشكل غير معلن على حساب الأردن وفي سبيل مصالحها الشخصية.

وقد عادت الجماعة عام 2003 وقررت المشاركة بالانتخابات البرلمانية وحصلت على 17 مقعدا وفي عام 2007 شاركت أيضا الجماعة بالانتخابات البرلمانية ولم تحصل إلا على 6 مقاعد في البرلمان حيث تراجعت في هذه الفترة شعبية الإخوان المسلمين بشكل ملحوظ وهذا سبب التراجع في عدد المقاعد .ولكن ما زالت جماعه الإخوان المسلمين تقول بان الحكومة تضيق عليهم وتزور الانتخابات لصالح بعض الأشخاص و الحقيقة إن الإخوان المسلمين منذ تأسيسهم كان هناك تذبذب بحصولهم على عدد من المقاعد في أي انتخابات حسب ظروف كل مرحلة .

منذ عام 2007 قاطع الإخوان المسلمين أكثر من انتخابات بلدية وبرلمانية ولكن بعضهم شارك بصفة شخصية وليس ممثلا عن الإخوان ولكنه عوقب بالفصل من الجماعة .

ومنذ عام ونصف تقريبا يخرج الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي بمسيرات واعتصامات ضد الفساد مطالبين بالإصلاح و دون أن يكون لهم وجود أو مشاركة بالإصلاح لا بصياغة القوانين ولا بتعديل الدستور ولا بتعديل قانون الانتخابات أو طريقة الانتخاب،رغم أن الحكومة عينت أعضاء من الجماعة في كثير من اللجان ولكنهم ارتأوا التخلف وعدم المشاركة.

هم فقط يثورون الشعب ضد الشعب فهم لا يستطيعوا أن يتحملوا المسؤولية يخرجون على الفضائيات يشتمون هذا وذاك لا يعجبهم شيء يريدون محاربة الفساد والكل يعلم أن بمؤسساتهم هناك أكثر من قضية فساد فمن يريد أن يصلح الناس فليصلح نفسه أولا .

وبذلك تحول الإخوان المسلمين من جماعة كانت تعيل الدولة وتساعدها إلى جماعة أصبحت عالة على الدولة تستقوي ببعض الفضائيات على الدولة ومؤسساتها فهي لم تعد صاحبة قرار بل تأخذ التعليمات والقرارات من الخارج .

وأي قانون لا يكن على قياس هذه الجماعة فهو ضد الجماعة.

فهم لا يريدون أن يعترفوا بان شعبيتهم تراجعت وعرف الناس بأنهم ناس منظرون فقط.

رحم الله عبداللطيف أبو قورة ومحمد عبد الرحمن خليفة فرغم اختلافهم وغيرهم من القادة الحقيقيين مع الدولة وقد سجنتهم الدولة لكنهم لم يسيئوا يوما ولم يستغلوا الإعلام للإساءة للدولة .