كلاهما ضد العرب

اخبار البلد 
في بروكسل عاصمة بلجيكا، عقد مؤتمر برلماني تحت عنوان " البرلمان اليهودي الأوروبي" شارك فيه سفير البحرين أحمد محمد الدرسي، وسفيرة البحرين في واشنطن هدى عزرا نونو، وقد استثمر سفير البحرين المناسبة والتقى مع صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية ليقول من خلالها "أن البحرين تتوقع من المجتمع الدولي كله، بما فيه إسرائيل، أن يقف إلى جانبها في مواجهتها الحالية مع إيران، فطهران تضعضع استقرار المنطقة".
ورد عليه عضو الكنيست الإسرائيلي، زئيف ألكين الذي جلس على منصة رئاسة المؤتمر إلى جانب قادة النواب اليهود في البرلمانات الأوروبية، بالقول "إن الكلام الذي قيل، في الموقع الذي قيل فيه، يبرهن على أننا كنا على حق حينما قلنا أن إيران هي مشكلة العالم العربي، وليس المشكلة الفلسطينية".
واضح أن كل طرف يسعى لتوفير الحماية لنفسه، وإبعاد الشر عن مواقعه ومصالحه الضيقة، ولا يعير اهتماماً لمصالح الآخرين وما يسببه من أذى لجيرانه، على قاعدة "عدو عدوي صديقي" بدون وضع الأولويات المناسبة التي تنسجم مع الواقع وتليق بالحقائق والعدالة.
إيران لا تتصرف بمسؤولية نحو جيرانها العرب، فهي تحتل جزر الإمارات العربية الثلاث وتستغل الشيعة وتوظفهم لتوسيع قاعدة نفوذها، ولا تعير اهتماماً لمخاوف العرب وحساسياتهم، ولكن إسرائيل أسوأ حالاً، فقد قامت على أرض الفلسطينيين بعد أن طردت نصفهم من وطنهم، وتعمل على توسيع خريطتها لتفرض واقعاً تدميرياً لما تبقى من فلسطين، وتحتل أراضي في لبنان ومن سورية، وتتطاول على سيادة بلدان عربية بعمليات عسكرية وأمنية، علنية وسرية، وتنتهك كرامة وحقوق ومقدسات المسلمين والمسيحيين في فلسطين، ولا تستجيب لقرارات الأمم المتحدة وللمبادرات الواقعية وتمارس التمييز والعنصرية ضد الفلسطينيين داخل مناطق 48، وتحول دون تحقيق الشعب الفلسطيني لتطلعاته في الحياة السوية الطبيعية، وتمنع حقه الإنساني في تقرير المصير، وترفض عودة اللاجئين المشردين إلى بيوتهم التي طردوا منها عام 1948 في اللد ويافا وحيفا وعكا وبئر السبع وباقي المدن والقرى في مناطق 1948 ؟؟.
يسعى العرب، الواقعيون والعقلانيون، لبناء علاقات ودية متوازنة، وندية، تقوم على المصالح المشتركة والتاريخ المشترك مع الإيرانيين، فهم جيران، ولكن السياسة الرسمية الإيرانية لا تستجيب مع هذه التطلعات، ولذلك يقع الخلاف مع سياسة طهران وأساليبها وانحيازاتها، ولكن العرب لا يمكن أن يكونوا في حالة عداء مع الإيرانيين، مثلهم مثل الأتراك في الشمال والأثيوبيون في الجنوب، وسائر القوميات الأفريقية المشاطرة للصحراء الأفريقية.
بينما إسرائيل قامت على الظلم والباطل والتوسع، ولا تقبل أنصاف الحلول، وتمارس كافة أنواع الفحش والقتل والتدمير والتخريب للمجتمع الفلسطيني وللحياة الطبيعية من ماء وشجر وتغيير المعالم، ولا تقر أي من قرارات الأمم المتحدة المنصفة حتى تلك التي أعطتها الشرعية كقرار التقسيم 181، وقرار قبولها عضواً في الأمم المتحدة الذي اشترط عودة اللاجئين الفلسطينيين، إلى بيوتهم في المدن والقرى التي استولت عليها تنفيذاً للقرار 194 .
تقلبات السياسة، وتطور الأحداث، والاهتمام الخليجي بالسياسة الإيرانية، وبالتحريض الأميركي المباشر والإسرائيلي غير المباشر، لن يخل بالمعادلة الفلسطينية الإسرائيلية، فشرعية إسرائيل ووجودها برمته وأمنها مرتبط بالعامل الفلسطيني، ولا شيء آخر غير العامل الفلسطيني، وما اقتراح ايهود باراك للانسحاب من طرف واحد، من بعض مناطق الضفة الفلسطينية كما سبق وفعل شارون في قطاع غزة ودعا ايهود أولمرت، سوى تأكيد على أن المشكلة هنا والحل لن يكون إلا هنا في فلسطين، مهما بدا الضعف الفلسطيني وارتباك مؤسسات صنع القرار الفلسطيني، ومهما بدا التفوق الإسرائيلي بائناً، فالتاريخ لا يسير فقط بوجهة واحدة مهما جرى التضليل والتعمية عن الحقائق والوقائع والقفز عن الأحداث كما تفعل بعض المحطات الخليجية، بإعطاء الأولوية في تغطياتها الإعلامية عن سورية وإيران على حساب فلسطين وحقيقتها ومعاناة شعبها وتسلط محتليها .
هروب إسرائيل من الاشتباك الإنساني مع الفلسطينيين، وممارسة الضغط على منظمة التحرير بواسطة المال الأميركي والأوروبي، لإبعاد الجهد الفلسطيني عن مؤسسات الأمم المتحدة، سيؤجل البت والحل واستعادة الشعب العربي الفلسطيني كامل حقوقه، في الاستقلال والمساواة والعودة، ولذلك لا المشكلة مع إيران، ولا التشتت العربي، ولا النفاق الدولي، سيجعل الوضع على كامل خريطة فلسطين مستقراً طالما أن شعب فلسطين يعاني من الاحتلال ومن التمييز ومن التشرد، هذه هي حقائق الواقع التي يجب أن يفهما أعضاء الكنيست وأحزاب اليمين الإسرائيلي الصهيوني.
h.faraneh@yahoo.com