أ د أنيس خصاونة : التعيينات الأخيرة لرؤساء الجامعات مسرحية هزيلة نصا وإخراجا وتمثيلا
اخبار البلد_ تباشر
الكثير من العاملين في الجامعات الرسمية والناشطين في مجال إصلاح التعليم
العالي في الأردن بقيام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالإعلان عن
فتح الباب لمن يتوفر فيهم الشروط للتقدم لإشغال وظيفة رئيس جامعة البلقاء
التطبيقية وكذلك جامعة آل البيت.
وقد
ساد الاعتقاد بأن هناك ربما تطورا نوعيا ونهجا جديدا في أسلوب تعيين هذه
المواقع القيادية المتقدمة وذلك عن طريق فتح الباب للتنافس النزيه والشفاف
بين من يأنس في نفسه الكفاءة والمؤهلات الشخصية والقيادية التي تمكنه من
ممارسة مهام هذا الموقع .
والحقيقية
أن مثل هكذا خطوة كان من الممكن لها لو كانت صادقة وحقيقية أن تعزز من
شعور العاملين في الجامعات بالعدالة في التعيينات وذلك عن طريق إنهاء
القبضة الأمنية الشديدة على التعيين في الجامعات والتي كانت تعطي أولويات
لاعتبارات أمنية وسياسية بدلا من الاعتبارات المتعلقة بالقدرات والكفاءات.
تقدم لإشغال موقعي رئيس الجامعة بحدود ستون شخصا وقدموا سيرهم الذاتية
لوزارة التعليم العالي حيث قام مجلس التعليم العالي بتشكيل لجنة لمراجعة
الطلبات وفرزها والتنسيب بالأشخاص الذين يعتقد بأنهم الأنسب لإشغال هذه
المواقع.
بالأمس
طالعتنا الصحف بالأسماء التي تم التنسيب بها للتعيين وأنا، كما هي
الغالبية الساحقة من العاملين في الجامعات، نعتقد بأنه لم يكن هناك مفاضلة
حقيقية ولم يكن هناك أصلا نية صادقه لاختيار الأنسب من الكفآءت المتقدمة
بدليل أنه تم تعيين رئيس جامعة آل البيت سابقا رئيسا لجامعة البلقاء
التطبيقية وبالتالي لم يشكل هذا تنافسا حقيقيا حيث أن الزميل الدكتور
الشواقفه كان رئيسا لجامعة آل البيت وقدم ما لديه وأنا لدي إحساس أن
الموضوع مبرمج ومعد مسبقا وهي قرارات متخذه قبل تشكيل الإعلان في الصحف .
أما
الدكتور المشاقبه فقد كان نائبا سابقا لرئيس جامعة اليرموك ويعرف الكثيرون
عن الضغوط التي مورست من قبل جهات عديدة ومن ضمنها الأمنية لتعيينه في ذلك
الموقع وهي ربما ذات الضغوط التي جاءت به رئيسا لجامعة آل البيت .
أي
معايير وأي موضوعية وأي كفاءة تلك التي تدعي وزارة التعليم العالي تطبيقها
في تعيين رؤساء الجامعات أم هو ذر الرماد في العيون والضحك على
الذقون؟لماذا هذه الاستهانة بذكاء الناس وعقولها لتنفيذ هكذا مسرحية هزلية
نصا وإخراجا وتمثيلا؟
تعيين
رؤساء الجامعات كان وما زال يتم على أسس أمنية بحته ودور مجلس التعليم
العالي هو دور صوري بحت وهو موجه فقط للموافقة على الأسماء التي تأتي من
دائرة المخابرات العامة والديوان الملكي .
مجلس التعليم العالي مجلس مصادقة على قرارات جهات أمنية أخري وهو بالتالي
مجلس ( Rubber Stamp ) شكلي لا صلاحية له ولو كنت من بين أعضائه لقدمت
استقالتي حفاظا على كرامة المهنة التي أنتسب إليها.
خطوة
وزارة التعليم العالي في الإعلان عن وظيفة رئيس جامعه كان من الممكن أن
تشكل إضافة جديدة ومؤشر إيجابي نحو تحقيق العدالة والديمقراطية في التعليم
العالي كما أن هذه الخطوة كان من الممكن أن تسهم في ردم الهوة في الثقة
الغائبة بين العاملين في الجامعات وبين متخذي القرارات التي تؤثر على
مستقبل التعليم العالي في الأردن .
إن عملية تعيين رؤساء الجامعات الأخيرة شكلت فصلا آخر من مسرحية هزلية
أرادات بها الحكومة أن تجمل قراراتها الاستبدادية في تعيين رؤساء جامعات
على أسس ارتباطهم مع الدوائر الأمنية والتعاون معها في مجالات التعيينات
الداخلية والانتخابات الطلابية. الأساتذة الجامعيون وهم في غمرة مطالباتهم
بحقوقهم الدستورية في إنشاء نقابة تمثل المهنة وتحمي منتسبيها من ممارسات
قمعية من إدارات الجامعات يرنون نحو إنهاء القبضة الأمنية على الجامعات
الحكومية وتحديدا التعيينات القيادية فيها .
الأساتذة الجامعيون يريدون لجامعاتهم التقدم الحقيقي المستند لمعايير
موضوعية وقواعد الكفاءة والجدارة وهذه المطالب تتناقض تماما مع ما تقوم به
الحكومة من خلال وزارة التعليم العالي في التأكيد على التدخل الأمني في
إدارة الجامعات وتحديدا من خلال تعيين رؤساء جامعات يتلقون أوامر من عناصر
ومرتبات القوى الأمنية.
الحكومة ما زالت تعتقد بأن الربيع الأردني لم ولن يصل إلى مؤسسات التعليم
العالي وأن هذه المؤسسات المقموعة المرعوبة هي مؤسسات مروضه مستمرئة
لممارسات الحكومة والتدخلات الأمنية وأنه يصعب تغير هذه الوداعة لدى
الكوادر العاملة في الجامعات ونحن نقول وننصح الحكومة بأن لا تعول على هذه
الافتراضات الخاطئة فالعاملون في الجامعات حالهم كحال بقية قطاعات المجتمع
الأردني سئموا التدخلات الأمنية ويعتقدون أن الإصلاح في التعليم العالي
يشكل واحدا من أبرز مكونات الإصلاح السياسي في الأردن.