بين القذافي ومبارك

اخبار البلد 
عشرون دقيقة من القراءة هي ديباجة اصدار الحكم في قضية مبارك لم تفعل سوى انها عززت خيارات انهاء النظم على طريقة الثورة الليبية فالثورات تاتي بعدالتها سواء أكانت منقوصة أم لم تكن، لكن محاكمة رؤوس النظم وفق روح «عدالة « تلك النظم فيها تجاوز على قيم الثورات وعلى مشروعيتها اصلا.
كمواطن عربي لا اميل وجدانيا لرؤية السحل والتنكيل كما جرى بأسرة القذافي لكنني اشعر بالقنوط عندما تعجز العدالة عن الاقتصاص ممن افقروا شعوبهم في اروقة المحاكم، فعشرون دقيقية من الايات الكريمة والجمل السياسية لم تقنعني بعدالة الحكم على مبارك وزمرته وملت للحظة الى ان اتخيل مصيرا مشابها لمصير القذافي.
ثوراتنا العربية مفخخة بمصالح لنظم سابقة لم تنقطع وان انقطعت فانها موصولة بمصالح لنظم جارة او مهيمنة فبالتالي تغدو الاحكام منافية لضمائر الناس.
شاهدت 39 جلسة في محاكمة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين كما رأيت العصا وهي «تداعب» ملك ملوك افريقيا قبيل مقتله بدقائق فتذكرت محاكمات نورمبيرغ اذ كانت رؤية المنتصر هي السيدة، لكنني في محاكمة مبارك شعرت وكأن الثورة تعتذر عن الأمل الذي زرعته في الشرق كله ..
لقد تم القفز على روح الثورات العربية وكان الاستيلاء منظما قوامه ثالوث مكون من القوى الاصولية والمصالح الرأسمالية والأمن الاسرائيلي وتقاطع هذه المصالح هو الذي يرسم مسارات الثورات التي تبدأ عادة ثورات شباب قنطوا من المستقبل في ظل نظم متهالكة ثم يجري القفز عليها واعادة توجيهها بما يحقق مصالح الثالوث المشار اليه.
عادة ما تحمل الثورات روحا انتقامية غير مبررة من الوجهة العقلانية لكنها ضرورية في السيرورات التاريخية لجهة طي صفحة وافتتاح اخرى لكن في مصر كان التفاهم بين العسكر والاخوان ضروريا فنتج عنه الصمت عن قضية تصدير الغاز لاسرائيل وعدم «التطرف في مقاضاة» الحكم السابق ارضاء للمحافظين العرب وبالتالي لم يكن الحكم على مبارك حكما على حقبة بل حكما على اشخاص.
من سيعيد النور لعيني احمد حرارة وكيف سيشعر هذا الشاب المصري المثقف حين يعلم ان المحكمة برأت حقبة حتى ولو أدانت زعيمها ولو سألنا حرارة عما كان ينتظره من الاحكام الم يكن يتمنى لمن افقده البصر مصيرا مشابها لمصير القذافي؟!