مستقبل مصر بأيدي الطرف الثالث

اخبار البلد 
في مشهد أقل مايمكن وصفه بأنه غير متوقع وفي حاله من الذهول تعرض لها شباب الثورة المصرية الذين ضحوا بسلامهم وأمنهم وأنفسهم من أجل التغيير توقفت عقارب الساعة عند المرشحين للرئاسة السيد محمد مرسي وأحمد شفيق في يوم إنتخابي لم تشهده مصر منذ عقود كثيرة. دهشة الموقف جاءت بالنتائج عندما قفز الفريق أحمد شفيق من بين المعارضين له ولنظام يتبناه ومتخطياً قانون العزل ومفلتاً من تُهم وجّهت إليه إلى أن وصل مُنافساً على المركز الأول لإنتخابات الرئاسة المصرية مع السيد محمد مرسي المحسوب على الإخوان المسلمين في انتخابات ديمقراطية في ظاهرها إحتكمت نتائجها للصندوق رُغم القيود الغير مسبوقة التي أشار عليها الرئيس الأمريكي الأسبق وأحد مُراقبي عملية الإنتخابات. كيف؟ ولماذا؟ ومتى؟ أسألة كانت حاضرة عند ظهور النتائج الأولية وما علينا إلّا أن نضع أجوبة تحتمل الخطأ أو الصواب.
لاشــك فإن المُراقب والمُتابع لحملة الفريق شفيق وبعد أيام من النتائج الأولية أظهرت أن الحملة كانت تُدار بطرية ممنهجة منظمة ومدعومة من أنصار الحزب الوطني السابق وإستخدمت نفس أسلوب من شراء الضمائر بالمال السياسي –حسب شهود- ولكن لم تكن لتثار أو تسجل ضمن الإنتهاكات أو الخروقات. ولاشك بأن المجلس العسكري نجح تماماً طوال فترة حُكمه أن يخلق الأزمات الأمنية وبنفس الوقت يسيطر عليها كي يشوه نجاح الثورة ونتائجها مُستغلاً الدعم الإعلامي الذي أظهر للشعب المُنهك أن هذه الثورة أثرت على الوضع الإقتصادي والإجتماعي والأمني, مما جعل كثيراً من المواطنين الغير مأدلجين سياسياً أن يعودوا عن طريق الحرية وإتخاذ طريق "لقمة العيش يابيه" والعبودية كطريق مُجرّب من سنوات.
بنفس الوقت فإن أحد أسباب وصول هذه النتائج هو تفكك القوى الثورية وإنشاء أحزاب وكُتل بمسميات مختلفة وتعدد القنوات الإعلامية التي أصبحت كل منها تتكلم عن نفسها وكأنها صانعة الثورة والقرار. فبدأت بالتخوين والهجوم والتعبئة مما كان له تداعيات سلبية على نتائج الإنتخابات الرئاسية, فسقطت قيادة الثورة والشباب التي كانت متمثلة بالسيد حمدين صباحي وأبو الفتوح.
كون الفريق أحمد شفيق مُنافساً في إنتخابات الرئاسة كانت بحد ذاتها ضربة قوية وجرح أصاب الثورة المصرية بشبابها وشهدائها وجرحاها ووصوله إلى سدة الحُكم هو بمثابة إعادة المشهد إلى ماقبل 25 يناير وإنهيار حُلم الدور المصري الرائد للأمة العربية. فتصريحات الفريق شفيق حول توعده بكل شخص يتظاهر بالحساب وأيضا تصريح رئيس حكومة الإحتلال الإسرائيلي نتنياهو بأن نجاح شفيق هي استعادة الشراكة الإستراتيجية بين مصر و "إسرائيل" . كذلك شعور الولايات المتحدة الأمريكية بالرضى على ماآلت عليه النتائج.
الثورة المصرية تعيش في حالة سيئة والمشهد القادم يثير القلق وستكون الأيام المقبلة حافلة بأحداث مهمة وأهمها النطق بالحكم على الرئيس السابق حسني مبارك ونجلاه وأعوانه وانتظار الحكم بشأن العزل السياسي وغيرها.. وعلى القوى الثورية إعادة توحيد الصفوف والإتفاق حول الرؤية المستقبلية للحالة المصرية وإلغاء فكر السيطرة وإشاعة نهج الشراكة لمواجهة كابوس النظام السابق وإنقاذ الربيع العربي في مصر وسحب البساط من أيدي الطرف الثالث إمّا عبر الصندوق أو عبر ميدان التحرير.