وزارة المرأة والحاجة إليها
اخبار البلد
أعتقد أنّ وجود وزارة للمرأة في الحكومة الجديدة, يمثل خطوة
إلى الخلف وليس خطوة إلى الأمام, ولربما لو كانت قبل نصف قرنٍ من الزمان, أو في إحدى
الدول التي تعتمد النظام القبلي وتحاول إرساء عرف إبعاد المرأة عن الحياة العامة, لكان
الأمر مقبولاً, ويحمل شيئاً من المعقولية والمنطق, أمّا اليوم, وقد أصبحت المرأة تزاحم
وتنافس في كلّ مجالات الحياة, وبلا أدنى تمييز ولا غرابة ولا استنكار; ولذلك فإنّ مسألة
استحداث وزارة للمرأة شيءٌ غير مفهوم, وهو أقرب إلى الغرابة والاستهجان, ولربما يحمل
دلالات وإشارات توحي بتوجيه الإهانة للمجتمع الأردني والدولة الأردنية الحديثة, مثلها
مثل وزارة التنمية السياسية التي تعد اساءة للمجتمع الأردني وتحمل نظرة فوقية غير صحيحة
مطلقاً.
من الضروري أن نعلم أنّ نسبة الإناث في معظم التخصصات الجامعية
تزيد على الذكور, سواءً في المجالات العلمية أو الأدبية, وفي بعض الجامعات الأردنية
تصل إلى نسبة 64%, وفي بضع التخصصات تصل إلى 90%, بحيث أنّ بعض الكليات اضطرت إلى حجز
مقاعد بنسبة معينة للطلاب الذكور; لأنّ الإناث استحوذن على الأغلبية الساحقة من المقاعد.
المرأة موجودة في حقل الطب وفي كل حقول الهندسة والفيزياء
والرياضيات والآداب والتمريض, حتى أنّ تخصص الهندسة الزراعية أصبح متخماً بالإناث إلى
درجة البطالة على صعيد المهندسات الزراعيات وصلت رقماً كبيراً ومقلقاً, إضافة إلى وجودها
في الجيش والأمن, وشرطة السير, وقد أوقفتني قبل أيام شرطية سير عليها كل دلائل الجديّة
والصرامة عندما أشارت لي بالوقوف إلى اليمين, وطلبت الرخص وحررت لي مخالفة بكل ثقة
لأنّي لا أضع حزام الأمان في شوارع عمّان المزدحمة.
ولذلك فالمرأة عندنا في الأردن لا تحتاج إلى وزارة, ولا تحتاج
إلى كوتا, ولا يحتاج مجتمعنا إلى تثقيف أو تعليم وتربية في مجال إعطاء المرأة حقوقها
ومكانتها, لا في البادية ولا في الأرياف فضلاً عن الحواضر والمدن, إذ انّ نسبة الإناث
في العشر الأوائل على مستوى المملكة زادت على نسبة 70%, بما فيها التوجيهي العلمي,
وفي قرية منعزلة في عجلون اسمها (الوهادنة) استطاعت المرأة أن تفوز برئاسة البلدية
عن طريق الانتخاب وليس التعيين, في خطوة متقدمة يثبت فيها المجتمع الأردني أنّه متقدم
بنظرته إلى المرأة, من جمعيات حقوق المرأة, ولجان تمكين المرأة في العاصمة وما حولها.
أعتقد أنّ استحداث وزارة للمرأة, يشكل إهانة للمرأة أولاً
قبل المجتمع كله بمكوناته وتشكيلاته وأعرافه وقيمه; لأنّ المرأة تحظى بمكانتها وكرامتها
في مجمتعنا الأردني بشكلٍ يتفوق فيه على كثيرٍ من المجتمعات التي تعد نفسها متقدمة,
لأنّنا نحمل حضارة تحترم المرأة وتقدرها وتجعلها مقدمة تفتتح بها القصائد والأشعار
فضلاً عن جعل الجنّة تحت أقدامها.