شتائم المُعمّمين في قنوات السنة والشيعة

اخبار البلد 
تنهمر القنوات الفضائية،عبر الاقمار الصناعية على الناس،واغلب القنوات غنائية ودرامية،ومعها قنوات اخبارية معروفة،وقنوات دينية مابين تلك التي تبث القرآن او تقدم دروسا دينية،او تمثل هذا المذهب او ذاك.
اللافت للانتباه في هذا الصدد يتعلق بحجم الاموال المستثمرة في هذه الفضائيات،والمبالغ المخصصة لهذه الفضائيات اكبر بكثير من مستوى الافراد واستثماراتهم،بما يؤشر على تمويل دول لكثير منها،في سياق اعادة انتاج الوعي العام للناس.
اذ تذهب الى قناة ما وترتحل الى اخرى تكتشف ببساطة ان اغلب القنوات الدينية باتت جزءاً من حروب المذاهب بين المسلمين،واذا كانت كل قناة تقول انها التي تدافع عن الاسلام والقرآن والسنة،الا انها في المحصلة تصب في استثارة الكراهية بين المسلمين.
تحديداً نتحدث هنا عن القنوات الدينية التي تشن حرباً متبادلة،مابين السنة والشيعة،وتستمع الى قنوات ُتكفر الشيعة وتصفهم بكل العجائب،وتصل حد اخراجهم من الملة والدين،والشتائم الناعمة لا توفر احدا صالحاً او طالحاً.
يخلط العلماء بين فئات قليلة من الشيعة لتسحب كلامهم على الاغلبية من الشيعة،في سياق حرب دينية منبعها الاساس سياسي،قبل ان يكون خدمة للدين والمسلمين على حد سواء،وهذا العنوان بحد ذاته يتم استغلاله بطريقة لا تؤشر على حسن النوايا.
القنوات الدينية الاخرى تفعل ذات الامر،لان نقد علماء سنة يجري على قدم وساق،ولان تكريس رموز وتجريح رموز اخرى يجري بذات المنوال،وتبادل الاتهامات عنوان اساس لكل هذه القنوات،التي لا توفر احدا اخر،ما بين الشتيمة المبطنة او الكلام الواضح.
دور رجال الدين من السنة والشيعة،او المُعمّمين الفضائيين،يجب ان لا يتم توظيفه لاعتبارات سياسية،بل يجب ان يبقى في اطار الدين ومكارم الاخلاق،وتعليم الناس كيف يقبلون الاخر،مهما كانوا،بدلا من الفتن التي يتم بثها عبر الفضاء؟!.
في المحصلة،ودون ان ندخل في صراع فقهي وديني،حول من هو الاكثر صواباً،فان الذي يتحقق في الواقع،تحطيم لبنية المجتمعات الاسلامية،تحت وطأة صراع المذاهب،وبالتالي تدمير دول عربية مثل العراق وسوريا وغيرهما بسبب الصراع المذهبي.
بكل بساطة نكتشف ان القنوات الدينية التي تنطق باسم السنة،ممولة من دول عربية خليجية،والقنوات التي تنطق باسم الشيعة ممولة من ايران وقوى مالية على صلة بذات المحور،وفي النهاية ينعكس الصراع السياسي في المنطقة على الدين والاعلام الناطق باسمه.
ما يقال هنا ان دور القنوات الدينية بدلا من ان يكون تصالحياً،يؤدي دوراً لا يختلف في العمق عن دور بقية القنوات،فالقنوات الاخبارية تثير الفتن السياسية،والقنوات الدرامية والغنائية موجهة ايضاً لجمهور يراد هتكه وتخريبه.
النتيجة:اغلب القنوات الفضائية ُتخرّب البنى الداخلية بطرق مختلفة،ويعز على المرء ان يرى رجال الدين المُعمّمين طرفاً في هكذا قصة،عبر اذكاء الكراهية،وتبادل الشتائم المبطنة والواضحة،في دور هدفه تحطيم بنى هذه المنطقة،واشعال الحرب بين اهلها.
كثرة دورها تحطيم الدين،باسم الدين،والطريق الى جهنم معبدة بالنوايا الحسنة،وعمليات غسل الدماغ التلفزيوني جارية على قدم وساق،في منطقة مؤهلة تاريخيا للتفسخ والانشطار والاقتتال،فيما التاريخ ُيغذي كل هذه الاوضاع.
لا نرى قناة تلفزيونية واحدة تشتم اسرائيل بهذه الحدة،مثلما نرى «الجهاد المقدس»في حرب السنة والشيعة ضد بعضهما،وماتأخذنا اليه القنوات في النهاية،ليس نصراً للدين،بقدر سحبنا لخناجرنا على بعضنا البعض،باسم الله،والعياذ بالله.