مسرحية لا شرقية ولا غربية: حرب المنسف والملوخية والوحدات والفيصلي في الاردن

":اخبار البلد_ متى نضع على مائدة الطعام طبق المنسف مع طنجرة الملوخية ونستمتع بالصنفين؟..هذا هو السؤال الذي يقترحه جبر بيك بطل مسرحية لا شرقية ولا غربية وهو يحاول مصالحة زوجته بعد سلسلة طويلة من الخلافات أدت إلى إنقسام المنزل ما بين تشجيع فريق الفيصلي أو الحماس لفريق الوحدات.

حصل ذلك بعدما إكتشف الزوجان "جبر وزريفة" أن اللصوص سرقوا الغسالة والثلاجة والطعام والكراسي ونظفوا البيت من كل محتوياته فيما هما منشغلان في حوار يومي حول الأصل والمنبت.


قبل ذلك كان جبر بيك يناكف زوجته المتشددة بأصلها الفلسطيني فيرفض تناول الملوخية وكل أنواع الخضار لإنها لونها أخضر وهو لون فريق مخيم الوحدات الشهير بين الأردنيين فترد الزوجة المتعنصرة مقترحة على الزوج المتعنصر أيضا البحث في الأسواق عن خضار بلون أزرق حتى يلتهمها في إشارة للون فريق الفيصلي القطب الثاني المنافس للوحدات.


خلال إحدى التجليات يعترف جبر بك عندما يصبح مسؤولا فاسدا بأن إشغال الناس عن أصدقائه اللصوص الذين يسرقون مقدرات الشعب لا يتطلب أكثر من تنظيم مباراة كرة قدم متسائلا: في كل دول العالم يركض 22 لاعبا وراء الكرة إلا في الأردن يركض ستة ملاييين أردني وراء نفس الكرة.


لاحقا تعترف زريفة بأنها تحب المنسف فعلا لكنها تمتنع عن طهوه وتركز على الملوخية نكاية بأهل زوجها فيما يعترف جبر بأن الملوخية لذيذة لكنه يحرم نفسه منها نكاية بزريفة.


ويقول جبر انه يحب اللون الأزرق وان المباريات تجري على "أرضنا" فترد زريفة "نلعب بين جمهورنا" فيطالب الإبن الذي يتحدث باللهجة الفلسطينية الفلاحية والديه بالمصالحة حتى يتمكن من إيجاد وظيفة فيما تدعم الإبنة المصالحة حتى تتمكن من العثور على عريس قبل أن تقرر العائلة بعد سرقة كل محتويات المنزل التوقف عن المشاحنات لإن "الحرامية" لا يفرقون بين أردني من جماعة الـ"قال وقلنا" وأردني من جماعة "كال وكلنا".


هذه الحوارات الكوميدية النادرة تمكن الأردنيون ولأول مرة في تاريخهم من الإستماع لها مباشرة عبر كوميديا مسرحية دعيت "القدس العربي" لحضور عرضها الأول وناقشت بجرأة غير مسبوقة أهم الملفات المسكوت عنها في بنية المجتمع وهو ملف الوحدة الوطنية وملامح اللغة الثالثة بين الأردنيين من شرق الأردن والأردنيين من أصل فلسطيني.


المسرحية السياسية بإمتياز تطرح هذا الموضوع مباشرة وبدون مراوغة وعبر حوار طريف بين جبر الذي يتحدث بلكنة أهل شمال الأردن وزوجته زريفه التي تتحدث باللهجة الفلاحية الفلسطينية بحيث إنتهى التنابز الإقليمي إلى تقسيم المنزل لجزئين الأول يحمل إسم ألمانيا الغربية العربية والثاني ألمانيا الشرقية العربية.


وكل ما يقال وراء الكواليس بين الناس قاله نجوم المسرحية على الخشبة وسط أهازيج ورقصات فنية قدمها نجوم جدد في عالم الفن حيث شكلت المسرحية محاكاة جريئة وغير مسبوقة للواقع كما يوضح كاتبها ومنتجها كامل نصيرات لـ"القدس العربي" فيما قدم دور جبر بيك الفنان الكوميدي المخضرم خليل مصطفى وأخرج العمل نجله زيد.


ولا ينسى العرض مفارقات الربيع العربي مع تركيز شديد على لصوص النظام الرسمي العربي الذين تسببوا بأزمة للزعماء فيما أدير الحوار المتلاطش بين جبر وزوجته على خلفية إحتفاظها بالمال وسعيه للتحول إلى مسئول مهم ثم حرامي كبير نكاية بزوجته.