دمعة كتاب

كنت اتصفح كتاب كان مركونا في مكتبتي وقد عفا عليه الزمن واقلب صفحاته البالية والممزقة وقد باتت صفراء اللون وتآكلت حوافها مع مرور الزمن وصارت باهتة اللون كوجه الليمونة الحزين,ولفت نظري نقط سوداء تتناثر هنا وهناك داكنة اللون تعاتبني وتنظر الي نظرة اشتياق ولهفة فاحمر وجهي خجلا .


وحاولت قراءة الاسطر فلم استطع فقد كانت كلماته وأحرفه متناثرة ومتقطعة لا تكاد تراها الا تحت المجهر



وفجاة,رايت نقط بيضاء تتدفق من بين اصابعي المرتجفة وانبعث صوت اجش مبحوح فحسبت اني كنت احلم وتعالت اصوات انين قد تكون بين نبراتها حزن دفين , وتساءلت من اين هذا الصوت يا ترى؟؟وصعقت وتجمدت من الخوف عندما اجاب الصوت”انا كتابك الذي اشتريتيه في الايام الخوالي ومضت عليه ايام وسنين ولم تتكلفي يوما بالمرور بين سطوره او حتى قراءة افكاره ولا حتى فتحه او لمسه.


واحسرتاه!!!وتابع الصوت كلامه في تنهد وألم شديد "لم يعد احد يتهافت على شرائي وقراءتي او تصفحي مثل ايام زمان واصبحت عانسا قبل اواني .كان الناس يتهافتون على اقتنائي وكانوا مستعدين ان يدفعوا اموال باهظة للحصول علي واليوم اصبح الكتاب مهجورا لا يرى النور او الشمس.والذي زاد الطين بلة ان الطلاب يمزقوننا او يحرقوننا في نهاية كل عام وبعض الباعة المتجولين يضعون ترمس وبليلة على اوراق كتبنا.


اليس هذا عار وخجل ان يصبح الكتاب مهانا من الجميع؟؟قال لي صديقي الذي عاد من اوروبا ان الناس هناك يقدسون الكتاب وتراهم يقرأون في كل مكان وزمان.ولا يتوقفون عن القراءة في وسائل النقل والجامعات والمدارس وعلى الارصفة ويشغلون انفسهم بشيء مفيد بدل القيل والقال واستغابة الناس وحتى اطفالهم اكتسبوا هذه العادة ولا ينامون الا بعد سماع حكاية او قصة ترويها لهم امهاتهم


كل يوم اسأل نفسي نفس السؤال ولا اجد جوابا مقنعا لماذا هجر الناس القراءة وذهبوا لتصفح الانترنت؟؟؟اصبح الانترنت منافسا لي وكل هذا وتسأليني لماذا انا حزين يا سيدتي؟؟؟”

اعتذرت له على تقصيري ووعدته ان اتصفحه كلما سنحت لي الفرصة,ونفضت عنه غبار الايام

وودعته قائلة:لن انساك يا كتابي بعد اليوم واستميحك عذرا فقد انشغلت عنك سنين طويلة في معترك الحياة.