بنزين "أوكتان 95" يستخدمه الفقراء أكثر

اخبار البلد 
"حتى تخبر الناس بالحقيقة، يجب أن تجعلهم يضحكون".يذكر المهندس سميح جبرين، في مقالة له، وهو عارف بهذا الشأن، أن بنزين "أوكتان 95" يستخدمه الفقراء أكثر من الأغنياء؛ فالسيارات الصغيرة ذات المحركات الأقل سعة من 1400، لا مجال أمام أصحابها سوى استخدام بنزين "أوكتان 95"، بل إن كتيبات السيارات المرفقة بها تحذر من استخدام بنزين بجودة أقل، لأنه يقلل كفاءة محرك السيارة ويصيبها بأعطال. وتؤكد "الكتالوجات" أن وكالات السيارات غير مسؤولة عن الأضرار التي تلحق بالسيارات نتيجة استخدام بنزين أقل كفاءة. وبذلك، فإن الضرر سيلحق بمستخدمي السيارات الصغيرة أكثر من السيارات الكبيرة الذين يستطيعون الانتقال إلى استخدام بنزين "أوكتان 90" بدون خوف من الضرر أو انخفاض كفاءة السيارة، لأنها ستبقى حتى مع تراجع كفاءتها ذات كفاءة عالية، بعكس السيارات الصغيرة التي لا تحتمل تقليل كفاءتها.كما أن بنزين "أوكتان 95" أكثر ملاءمة للبيئة. وأنا لا أحرض، بالطبع، على رفع سعر بنزين "أوكتان 90"، ولكن للإشارة إلى أن رفع الأسعار على هذا النوع من البنزين يصيب الفقراء أيضا وليس الأغنياء فقط. ويمكن أن يقال إن الفقراء لا يملكون سيارات ابتداء، وهذا ليس صحيحا؛ ففي الأردن، مع الحالة الصعبة للنقل العام، لم يعد امتلاك سيارة خصوصي ترفا. وللأسف الشديد، ما تزال وسائل وأنظمة المواصلات والنقل العام كما هي منذ عقود طويلة، بدون اعتبار لتزايد أعداد السكان واتساع المدن، وبدون مواكبة واستيعاب التطورات والتقنيات المتوالية في النقل والمواصلات، أو مراجعة أنظمة التخطيط العمراني لتلائم النقل العام. فمن الواضح أن عمان بخاصة والمدن بعامة تصمم على أساس أن الناس معظمهم يملكون سياراتهم الخاصة.ليست هذه المقالة ضد رفع الدعم (هل هناك دعم بالفعل للوقود؟)، ولا دفاعا أيضا عن الدعم، ولكن هل من المناسب دائما أن نلجأ إلى الحلول المباشرة والأسهل؟ وحتى إن كان هذا القرار مبررا اقتصاديا وسياسيا، فهل من المناسب أن تفسر القرارات والاتجاهات بطريقة إعلانية، وبدون اعتراف وشرح واضح لأبعاد القرار ومكاسبه ومخاسره؟ لماذا يُظن أن المواطنين لا يستحقون معرفة الحقيقة، أو أنهم أقل نضجا من مناقشة الأفكار والسياسات بوضوح وعمق؟ مؤكد أن ثمة أمثلة كثيرة وصحيحة على أن الناس لا يتقبلون الحقائق والأفكار كما هي، ولا بد من تقديمها في غلاف من التبريرات غير العقلانية، ولكنها مقولة على صحتها ليست شاملة ولا دقيقة، ولا تعني أيضا إخفاء الحقائق