الأنقلاب وحاضنته الأسرائيلية

اخبار البلد 
ثلاث محطات هامة مر بها القرار الأسرائيلي وسلوكه العسكري الأمني وفر لحركة حماس الحاضنة المطلوبة كي تستعجل الأنقلاب وتتمدد بالأنقسام برضى ورغبة إسرائيلية ، غير منسقة بينهما ، ولكنها تسير وفق مخطط إسرائيلي أمني سياسي مدروس ، يستهدف تمزيق الشعب الفلسطيني وإنهاء وحدة تمثيله وبعثرة قواه وتجميد خطواته السياسية ، وبذلك يفقد الأجماع الفلسطيني تماسكه ، ويفقد بالتالي قوة إندفاعه في توفير حاضنة دولية قابلة للإستجابة نحو تطلعاته في تحقيق حضوره وإستعادة حقوقه الثلاثة المنهوبة ، حقه في المساواة داخل إسرائيل ، وحقه في الأستقلال لفلسطين ، وحقه في العودة إلى اللاجئين .

المحطة الأسرئيلية الأولى تمت على يد شارون حين إنسحب من قطاع غزة من طرف واحد عام 2005 بدون تفاوض وبدون تنسيق مسبق مع السلطة الوطنية ، فقد إتخذ شارون قراره بترك غزة وفكفكة المستوطنات على أرضها وإزالة قواعد جيش الأحتلال عنها بقرار سياسي أمني إستراتيجي ، أحد أسبابه ودوافعه رمي الكرة أمام الفلسطينيين لأبراز عجزهم ، وعدم قدرتهم على ولادة إدارة عصرية ديمقراطية منتخبة ، لقطاع غزة التي إنحسر عنها الأحتلال ، ومع ذلك جاء القرار الفلسطيني مدركاً للدوافع الأسرائيلية فتمت الأنتخابات الفلسطينية بشكل سلس وديمقراطي ونزيه وشفاف عام 2006 ، وحصلت حماس على الأغلبية البرلمانية وسيطرت على إدارة المجلس التشريعي وشكلت حكومة من لون واحد ، ومن ثم حكومة إئتلافية برئاستها سارعت للأنقلاب عليها ، مخلفة سيطرة منفردة على قطاع غزة على أثر قرارها بالحسم العسكري وإنهاء كافة مظاهر التعددية في قطاع غزة منذ 14 حزيران 2007 حتى يومنا هذا .

والمحطة الثانية كانت في الأنقلاب وعشية الأنقلاب وبعد الأنقلاب ، حيث لم تستجب سلطات الأحتلال وإدارتها وقيادتها لمطالب السلطة الوطنية في الحصول على السلاح الكافي لحماية الأمن وتوفير قدرات تسليحية لقوات الأمن والشرعية ، فقد كان أفراد كتائب القسام الحمساوية يملكون من التسليح وقوة نيران ما يفوق ما يملكه الفرد من قوات الأمن الرسمية والشرعية ، ومع ذلك لم تتصرف قوات الأحتلال بما هو مطلوب منها للسماح لقوات الأمن بالحصول على السلاح الكافي والمطلوب ، مما أعاق الأمن الوطني من القيام بواجباته أمام كتائب الأنقلاب المسلحة التي بطشت وأوغلت وتمادت .

أما المحطة الثالثة ، فكانت عبر الموقف الأسرائيلي ، الرافض حتى نخاع العظم لقبول نتائج المصالحة عام 2011 وعدم إحترام التفاهمات بين فتح وحماس والتحريض عليها ، ووضع الخيار أمام الرئيس إما التفاهم مع حماس أو التفاهم مع إسرائيل ، وأن خيارات حركة فتح ورئيسها ، بالأنحياز لخيار التفاهم مع حركة حماس وتوقيع الأتفاق مع قيادتها خيار لا رجعة عنه ، لأنه يعكس المصلحة الوطنية الفلسطينية ويدعمها ويوظفها لمصلحة مواصلة خيار إستعادة حقوق الشعب العربي الفلسطيني بشكل تدريجي متعدد المراحل ، وهو أمر إعتبرته حكومة نتنياهو بمثابة نكوص من قبل الرئيس أبو مازن عن خياراته السياسية الواقعية والسلمية .

الرد على المصلحة الأسرائيلية ، والرد على الأنقسام ، بإستعادة الوحدة الثلاثية ، وحدة البرنامج السياسي ، ووحدة المؤسسة التمثيلية ، ووحدة الأدوات الكفاحية لمواجهة الأحتلال والأستيطان ، عبر تنفيذ ما تم التوصل إليه تحت الرعاية المصرية ، إتفاق 4 أيار 2011 ، وبيان الدوحة 6 شباط 2012 ، على خلفية سلسلة الأتفاقات والتفاهمات التي تمت بين كافة الفصائل خلال السنوات العجاف السبعة من عمر الأنقلاب والأنقسام ، وتشكيل اللجنة القيادية العليا لمنظمة التحرير وتفعيل دورها ، من أجل إجراء الأنتخابات للمؤسسات الأربعة ، إنتخابات الرئاسة ، المجلس التشريعي ، المجلس الوطني والبلديات ، بهدف الخروج من حالة التخلف والتمزق والأنقسام وإنهاء الأنقلاب وسيطرة اللون الواحد .

ليتعلم الشعب العربي الفلسطيني من عدوهم الأسرائيلي ، من نتنياهو وحكومته ومن المعارضة وموفاز وكيف وصلوا وبسرعة غير متوقعة لحكومة الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات التي تقف في وجه المشروع التوسعي الأستعماري الأسرائيلي ؟؟ ، فهل يتعلم الفلسطينيون من عدوهم ؟؟ هل يرتقوا ويرتفعوا لمستوى الأحساس بالمسؤولية مثل عدوهم ؟ .


h.faraneh@yahoo.com