الفلاحات يلغي تاريخنا الوطني

اخبار البلد 
بجرة قلم وشطحة فكر, قرر الشيخ الإخواني سالم الفلاحات, أن الأردن ليس بلداً مستقلاً كسائر العرب, وأنه ما يزال محتلاً بالوكالة, وإلى حد إطلاق تسمية تهكمية على عيد الاستقلال, حين وصفه بـ«الاحتقلال», أي انه بحسب اجتهاد الشيخ, احتلال مُطعّم بالحرية, ولكن يحمل في مضامينه الذل والعبودية للشعوب العربية, من قبل المحتل الأجنبي, وإذا كنا نرفض الحظر على أي فكر بغض النظر عن صاحبه, فإننا نتمسك بحق المناقشة لأي فكرة, سواء اعتبرناها إيجابية لصالح الوطن والمواطن فنؤيدها, أو وجدناها سلبية, تتمحور حول مصلحة خاصة سواء كانت حزبية أو شخصية فنناقشها لننأى بأنفسنا عنها.
وإذا كان الشيخ الفلاحات لجأ إلى التعميم, فبدا وكأنه يتحدث عن العالم العربي بمختلف أقطاره, ولعله يعتمد في ذلك على الصعود المؤقت بالتأكيد, لقوى الإسلام السياسي في الأقطار العربية, التي تخلصت من حكم طغاتها ولا زالت تمر بمرحلة انتقالية, فإن توقيت مقالته «الاحتقلالية» في الزميلة «السبيل», يؤكد أن المقصود هو الأردن, الذي رفع بالأمس راياته محتفياً بالذكرى, ومؤكداً على تواصل المسيرة نحو الأفضل, وبحسب الإمكانات المتوفرة, لوطن نعرف أنه في حجم بعض الورد, مثلما نعرف أن له شوكة ردت إلى الشرق الصبا, وهي قادرة في لحظة الحقيقة, أن تخز المزايدين على تاريخه, والمشككين بدوره.
كأن مراقب عام جماعة الاخوان المسلمين السابق يدعونا لاعتبار حسين الطراونه ووصفي التل وهزاع المجالي وسعيد المفتي وعوده أبو تايه وفرحان الشبيلات وعبد الباقي جمو وفلاح المدادحه وحابس المجالي, ومعهم قافلة طويلة من الشهداء, الذين قدموا أرواحهم دفاعاً عن ثرى الأردن, مجرد وكلاء للاستعمار البريطاني, استأمنهم على مصالحه,فكانوا الأمناء عليها, ولم يكونوا مؤتمنين على الدولة الأردنية, بما هي نتاج لثورة على الاستعمار التركي, الذي نجد اليوم في صفوف جماعته من يروج له, ويعتبر كنسه من الوطن العربي جريمة, تستحق أن نتقدم إلى أردوغان بالاعتذار عنها, وربما نتوسل إليه, لإعادة بسط سيطرة العثمانيين على هذا الوطن.
نعرف الأجندة التي دفعت مواقيتها الشيخ الإخواني, للجهر بسخريته من استقلال بلدنا, وتاريخه ومستقبله أيضاً, لكننا على ثقة بأن الأطفال الأردنيين, الذين رفعوا الرايات بالأمس, ابتهاجاً بالمناسبة, سيعرضون عن أفكار الفلاحات, وسيتقدمون تباعاً للنهوض بمستقبل وطنهم, الذي كان له الفضل في كل عالمنا العربي, في عدم الحظر على نشاطات الإخوان المسلمين, الذين يبدو مؤسفاً قبولهم لنظرية الفلاحات, بدليل نشرها في منبر خاص بهم, وبما يعني تبنيهم لها, والمؤسف أكثر خفوت صوت العقلاء من قيادات الجماعة, الذين عرفناهم موازين للحق, مؤمنين بوطنهم الأردني, على عكس أصحاب الأجندات, التي تكمن خيوطها الفاعلة حارج الحدود.
وبعد, فإن مناكفة حكومة ما لاترضي مطامع الإخوان, ليس مبرراً على الإطلاق للمس بمشاعر الأردنيين, الفخورين بوطنهم ومنجزاته, رغم وجود ملاحظات عند الكثيرين منهم على بعض السلبيات, التي لن تصل حد طعن ظهر الوطن, ولا حد محاولة تشويه صورته, أو التشكيك بمنجزاته, أو الحط من قدر رجالاته بوصفهم, بأنهم كانوا وكلاء للمستعمر,وبما يستدعي من الفلاحات وجماعته الاعتذار, والمؤكد أننا هنا لاندافع عن خطأ ارتكبه أي مسؤول في الدولة الأردنية, بقدر ما نطالب بمحاسبته, لكننا لن نقع أبداً في محذور التشكيك بوطننا واستقلاله, ودولتنا ورجالاتها.