مبروك الثقة و لا تلعب بالنار يا دولة الرئيس !!!


ما أن وصل وسكن دولة الرئيس في الدوار الرابع وحتى قبل حصوله على ثقة مجلس النواب , بدأ يلوح بقرب رفع الاسعار ظنا منه أن في ذلك الرفع سيكون ازدهار للأمة وانتعاش للخزينة >

 وأود هنا أن أذكر دولة الرئيس ببعض الامور الهامة والتي ترتبط ارتباطا وثيقاً ومباشرا مع أية عملية رفع للأسعار , فالحراك الوطني الاردني بدأ منذ فترة طويلة وهو آخذ بالنمو التدريجي وبنسب معقولة ومقبولة للأجهزة الأمنية وغيرها >

 وقد لاحظنا مؤخرا أن الحراك استفاد كثيرا من الأخطاء التي ارتكبتها الحكومات, حيث قام باستثمارها وزيادة أعداد المنضمين إليه, مما أعاد هندسة الحراك من جديد, وجعله حراكاً ذو قاعدة بيانات موحدة نوعاً ما, تجمع مختلف الأطياف السياسية والدينية, وقد ساعد في ذلك سوء بعض الممارسات الحكومية>

 وبالمقابل يعيش في الاردن أغلبية ما زالت صامتة حتى هذا التاريخ , قد تشكل بمجملها تسعة أعشار المجتمع الاردني, وهذه النسبة العالية - والتي تنتشر وتعيش على جميع البقع الاردنية - معظمها من ذوي الدخل المحدود, أي أنهم يعيشون تحت خط الفقر على الرغم من أنهم لا يفضلون ولا يرغبون اللعب بالسياسة ويطمحون لتأمين لقمة العيش الكريم لأبنائهم وأسرهم والحفاظ على وطنهم آمناً من كل سوء, وأن أي محاولة من دولة الرئيس التحرش بهذه الأغلبية والاقتراب منها, سينتج عنه خللاً واضحاً في تركيبة المجتمع الأردني والحراك, وسيبدأ الحراك بالتضخم التدريجي على حساب تدفق أعداد هائلة من الأغلبية الصامتة باتجاه الحراكات الوطنية المختلفة, وهذا بدوره سيؤزم الموقف يوما بعد يوم ,ويضع الحكومة والنظام معاً في حرج كبير ومأزق ,فلا هم قادرون عن التراجع والعودة للمربع الأول, ولا هم قادرون على السيطرة وضبط الأمور, وسينتج حتما عن ذلك ظهور ملامح انفلات أمني من جراء الفقر وسوء الأحوال المعيشية بسبب الممارسات الحكومية الخاطئة .

وإذا ما قدر لدولة الرئيس أن يتوه ويخطئ ويتخذ أي قرار باتجاه رفع الأسعار, فإن ذلك سيكون بمثابة الانتحار الذي حرمه الدين الاسلامي الحنيف, و سيتحمل أعباء و نتائج ذلك في المستقبل القريب كل من الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة, فهم الذين سيقفون بين الحكومة ومؤسساتها من جهة, وبين الشعب من جهة أخرى, وهم الذين سيجنون الشوك الذي زرعته الحكومة, في حين أن الحكومة في أسوأ ظروفها ستستقيل وتغادر , لذلك أنا أرجو من دولة الرئيس أن يكون حكيما, ولا يقترب من نار رفع الأسعار>

 و أحث هنا قادة الأجهزة الأمنية وقواتنا المسلحة الباسلة , بأن يقفوا بحنكتهم المعهودة ويمنعوا أي توجه حكومي بهذا الخصوص , وأن لا يكتفوا برفع التقارير ويحتفظوا بصور عنها , لكي يقولوا في المستقبل لقد حذرنا , لأن هذه الطريقة لا تناسب الموقف الحالي, ولا يجب التعاطي معها بهذا الاسلوب, بل أتمنى عليهم أن يحذروا أولاً و يمنعوا ثانياً دولة الرئيس من أي عبث بأمن الوطن بأي شكل أو طريقة يرونها مناسبة.
ولعلنا نأخذ من قصة العز بن عبدالسلام مع قطز درسا مستفادا , حينما وصل قطز لسدّة الحكم في مصر، وظهر خطر التتار ووصلت أخبار فظائعهم، عمل العزّ بن عبد السلام على تحريض الحاكم واستنفاره لملاقاة التتار الزاحفين. ولما أمر قطز بجمع الأموال من الشعب للإعداد للحرب، وقف العزّ بن عبد السلام في وجهه، وطالبه ألا يأخذ شيئا من الشعب إلا بعد إفراغ بيت المال، وبعد أن يخرج الأمراء وكبار التجار من أموالهم وذهبهم المقادير التي تتناسب مع غناهم حتى يتساوى الجميع في الأنفاق، فنزل قطز على حكم العزّ بن عبد السلام ونفذ ما طلب , ولم يكبد من هم تحت خط الفقر أية أعباء مالية, وكانت نتيجة ذلك الانتصار .
من هنا أنصح دولة الرئيس , أن يتم البحث عن حلول بديلة عن رفع الاسعار, ولا يكون ذلك على حساب الفقراء والمحتاجين, والحلول موجودة وجاهزة ,ولكنها بحاجة إلى من يعلق الجرس, فمن القادر على تعليق الجرس لإخراجنا من سوء الظروف والأحوال التي نعيش !!؟؟.
حمى الله الأردن وحمى شعبه , وجنبنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن, وألهم رئيس الحكومة طريق الصواب , انه نعم المولى ونعم النصير.
العميد المتقاعد
بسام روبين