لا بد أن يتحرك القطاع الخاص لدعم الخزينة

اخبار البلد 
هبة شعبية اردنية غير مستغربة استمعت اليها امس من اذاعة (آمن اف ام) ابطالها مواطنون اردنيون بسطاء اعلنوا عن تبرعات نقدية على "قد الحال" لدعم الموازنة ودعم سياسة التقشف بعضهم تبرع بعشرة دنانير وبعضهم بخمسة, وليس المهم المبلغ بقدر ما يهم الفكرة التي هي رمزية تعني استعداد الاردنيين لحمل هموم بلدهم والمساهمة في حل مشاكله المالية حتى لو اقتطعوا من قوت عيالهم.
وللتذكير فقط فان الاردنيين سبق وان تبرعوا في بداية التسعينيات من جيوبهم لبناء مدينة الحسين الرياضية لتكون صرحا ورمزا وطنيا وقبلها تبرعوا من اجل شراء بناء مقر للسفارة الجزائرية في عمان بعد نجاح الثورة وإعلان الاستقلال.
وما زلنا نتذكر الحماس منقطع النظير الذي انتاب الاردنيين على شاشة التلفزيون الاردني عندما اقيم "تيليثون" من اجل جمع التبرعات لانشاء مركز الحسين للسرطان في اواخر العقد الماضي, فتدافع الناس إلى التبرع بالمال والذهب وقطع الاراضي والمواد العينية والسيارات والاجهزة الكهربائية وغيرها مما شكل خطوة مهمة في افتتاح مركز الامل للسرطان عام 1997 ليكون اول مركز لمعالجة المرض الخبيث في المنطقة.
بالفعل فان الاردنيين تجدهم عندما "تنخاهم" فيندفعوا من اجل عمل الخير ومن اجل الوطن والدفاع عنه وعن كرامته ولا يمكن ان يبخلوا عليه لا بدمائهم ولا باموالهم, لان كل شيء يرخص ويهون عند الوطن.
وقد رأينا لافتات كريمة من مجلس الوزراء وكذلك رئيس هيئة الاركان المشتركة وقادة الامن العام والدرك والدفاع المدني وكبار الضباط الذين قدموا التبرع بجزء من رواتبهم لصالح دعم خزينة, وهم يعلموا ان تلك المبالغ لن تحل ازماتنا الاقتصادية لكنها تظهر مدى الحرص على المشاركة في حمل هموم الوطن.
ما ننتظره اليوم من القطاع الخاص وشركاته الكبرى ان تهب من اجل تقديم تبرعات سخية لدعم الخزينة ولا يجوز ان يبقى القطاع الخاص الاردني ينتظر الحكومة ان تزيد موظفيها عشرين دينارا لتتكرم بعض الشركات بزيادة موظفيها.
ونحن هنا لا نتحدث عن مبالغ بسيطة من بسطاء الناس , بل نريد ان نسمع عن رجال اعمال اقوياء تبرعوا للدولة, لانها دولتهم ومصيرها من مصير مواطنيها وخير الجميع من اكتاف هذا الوطن, فاذا ما بخلنا عليه عندما يكون بحاجتنا, متى سنمد ايدينا اليه?
نعرف ان بعضهم يقول "حاربوا الفساد اولا" لكن أليس التهرب الضريبي من بعض الافراد الكبار والشركات فسادا نطالب جميعا باجتثاثه? نريد من القطاع الخاص نفسه ان يطالب باصدار قانون ضريبة عادل لا يخالف الدستور, بل ويطبق مبدأ الضريبة التصاعدية.
اليس هناك دور اجتماعي للشركات وللبنوك , تقوم من خلاله بدعم المجتمع المحلي ودعم البحث العلمي والتعليم والصحة ? نغار عندما نسمع عن الملايين التي تقدمها المؤسسات الاوروبية واليابانية والكورية والامريكية لمبادرات مجتمعية ولا نرى الا اليسير من جانب قطاعنا الخاص, لماذا لا نسمع عن تبنى شركة كبرى لمدرسة حكومية او مستشفى او مركز ايواء للمعاقين او المسنين?
ان حب الوطن لا يكون "بحلبه" فقط عندما يكون ضرعه ملآن بل ايضا بمساعدته على تجاوز المحن والصعوبات.