وصفة قومية لتحديد النسل!

اخبار البلد 
يبدو أن العرب في كل فصول السنة وليس الربيع فقط قد اكتشفوا طريقة أخرى لتحديد النسل فالأسلوب الصيني الذي جربه بعضهم لم ينفع، ونظرية مالتوس أثارت سخرية من تصوروا أن القنبلة الديمغرافية التي يعدونها لإسرائيل كرد على قنابلها النووية يجب أن تتضاعف من حيث عدد النسمات وليس المواطنين، فالفارق بين النسمة والمواطن هو كالفرق بين شعب ورعية.
في يوم واحد، دفن اليمنيون في تراب يمنهم غير السعيد أكثر من مائة من ابنائهم، ولا أحد يعرف كم سيلحق بهؤلاء من الثلاثمائة جريح.
وإذا اضيف الرقم السوري والعراقي والليبي اضافة إلى الرقم الطرابلسي الجديد في لبنان إلى القائمة، فان العرب يكونون بالفعل قد استحقوا براءة اختراع عن هذا الأسلوب القومي لتحديد النسل.
والأرجح أننا نسينا بأن هذه الأرقام ليست لعدد بنادق أو زجاجات ماء أو علب شامبو.. إنها لبشر من لحم ودم، هم آباء وأبناء، ولم تلدهم أمهاتهم ليموتوا وتتبعثر أحشاؤهم على الأرصفة.
أما توقيع القتلة فتلك أحجية اخرى، انه اشبه بتوقيع اللص سعيد مهران في ستينات القاهرة المذعورة من هذا اللص.
إن الإجابة على سؤال من يقتل من في هذه الحروب الغامضة تحتاج الى معلومات وشهود فالإعلام بمختلف استراتيجياته ولهجاته أصبح مشكوكا بكل ما يفرزه. خصوصا وأن هناك إعلاما يشعر بالملل والبطالة اذا مر يوم بلا مذبحة، أو إذا كان عدد القتلى أقل من خمسين رجلا وامرأة وطفلا!
قبل أعوام قليلة كان المشتغلون في الإحصاءات الديمغرافية يصححون الأرقام التي نكبتها عن عدد النسمات في هذا العالم العربي. ويقال انهم تجاوزوا الثلث مليار ولم يكن عددهم قبل نصف قرن اذا صدقنا أغاني الراحل عبدالحليم حافظ أكثر من مائة مليون لان هذا الرجل قال في احدى اغنياته..
ابنك يقول لك يا بطل هات لي نهار
ابنك يقول انا حوالي المية مليون العربية
وما فيش طريق للامريكان بين الديار..
لكن أصبحت الديار كلها مشرعة للامريكان بعد ان تضاعف هذا الرقم ثلاث مرات، إنني أشعر بالحرج لو سألني عدوّ كم قتلتم انتم من بعضكم؟
وهذا أردأ ما يمكن ان يتعرض له المرء في حياته، فأعلى نسبة من القتل في العراق كانت من انجاز عراقيين ضد عراقيين اخرين وكذلك في الحرب الاهلية اللبنانية والحبل على الجرار...
إن من كانوا يخوفون العرب من الحرب على اسرائيل بسبب تفوقها العسكري لم يخطر ببالهم يومئذ ان العرب سيقتلون من بعضهم ما كانت اسرائيل ستقتله منهم. لكنه هذه المرة قتل لا علاقة له بتحرير فلسطين بل علاقته كلها بالطائفية والمذهبية والقبيلة والحزب الذي هو في حقيقته طبعة منقحة من قبيلة غزية التي قال شاعرها انه طوع بنانها فان غزت تبعها وان رشدت رشد مثلها!
كيف اهتدينا الى هذا الاسلوب المحلي والقومي غير المستورد لتحديد النسل؟ وهل سيصبح ثلث المليار بعد اعوام اذا استمرت المتوالية ثلث مليون؟
أم انّ هناك من يراهنون على القنابل الديمغرافية المضادة للقنابل النووية؟؟