حكومة الطراونة..«اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً»!
اخبار البلد
نقول لك..أيّها الرئيس..اعمل لوطنك كأنك باقً أبداً..أي لا تجعل صفة «الانتقالية» تصبح موصوفاً..واعتقد أن المهمة الانتقالية هذه هي أصعب المهام لانها تستهدف تدشين مرحلة جديدة ..
انها مخاض صعب..انتقال من مرحلة الى أخرى أرادها الملك والشعب مرحلة مأمولة..وحتى تدشن الحكومة هذه المرحلة وتجتاز المخاض ويأتي المولود معافى فإننا لا بد أن نضع الجهد معها لأنها لن تنجز الا من خلال الأردنيين جميعاً وبهم حين تكون مهمتها الانتقال بهم الى أفق آخر سواء في المجال الاقتصادي أي : وقف ازدياد العجز في الموازنة والعمل على تضييق الفجوة المتسعة فيه..وتبني برامج اصلاحية اقتصادية في مقدمتها ضغط الانفاق والتعاطي مع مفهوم الدعم بحذر شديد وهنا لا بد أن تبرز مهارة الجراح في استئصال موقع المرض دون اصابة غيره أو اصابة الجسد بالاعياء..من خلال تعزيز حزمة الدعم المقدم في مواقع أخرى حتى لا ينعكس سحب الدعم من مواقع معينة على الجسم الاجتماعي بأي أعراض جديدة..
واذا كانت الأشياء تقرأ من عناوينها فإنني أقرأ في الخطوات التي اتخذتها الحكومة حتى الآن ما يجعلني اعتقد انها ايجابية وفي الطريق الصحيح فليس صحيحاً أن الحكومة لا تدرك معاناة المواطنين وزيادة أعبائهم وهي لن تكون معنية باستفزازهم مهما زاد الضغط عليها من أي طرف داخلي او خارجي..
أعتقد ان هذه حكومة التحديات الكبيرة..وعليها ان توصل كثيراً من القرارات المتخذة او المؤجلة أو التي كانت مركونة أو التي لم تستكمل الى التفعيل والتطبيق فأمامهما جملة من القوانين التي تحتاج الى اقرار البرلمان وأبرزها قانون الانتخاب والاحزاب وقوانين أخرى مهمة..الأصل انها التزمت بما عاهدت به الملك حين جاءت وذلك بإجراء الانتخابات هذا العام وهي المهمة الأساسية المعلنة الى جانب مهمات أخرى ذات طبيعة اقتصادية يدركها الرئيس الطراونة .
نحن أمام جرد حساب ولعل الصراحة التي بدأت الحكومة الحالية الناس بما هي السبب في قبولها وانتظار عملها وتعليق الامل عليها في أنها بدأت رحلة الألف ميل بإجراءات عملية تتعلق بتوفير (300) مليون دينار وقد تكون اقتطاعات الرواتب في الوزارة خطوة رمزية ومعنوية ومحاولة لصناعة القدوة أكثر منها توفيراً للمال..فالمحصلة لن تكون كبيرة إذ «البحر لا يغرف بطاقية»، ولكن محاولة البرهنة على الاستعداد للسير في هذا الطريق هو عمل مقدر وتبقى الخطوات الكبيرة لحصاد المزيد في المراجعة الواسعة والضرورية من حيث فرض الضرائب التصاعدية ورفع الضريبة على البنوك ورفع ضرائب التعدين وميادين أخرى من شركات لديها هوامش ربح عالية وكذلك فتح باب الاستثمار وتسهيله واقامة مشاريع قطاع خاص لها مردود اقتصادي ومالي كعوائد على الخزينة..
ولأن الحمل اذا وزّع سهل النهوض به فإن الاردنيين الذين تحملوا الكثير ويستطيعون في سبيل استقرار وسلامة وطنهم أن يتحملوا ..معنيون بالشفافية والصراحة ومحاربة الفساد وسد مواقع الدلف الواسعة التي يسببها..
ثمة خلل متعدد المواقع في حياتنا الاقتصادية والمالية والاجتماعية والسياسية وهذا الخلل يحتاج الى تفكيك مواقع الخطر فيه فوراً وبخبرة الجميع وراء الحكومة ومعها وبسرعة اتقاء المخاطر القادمة..أما البعد السياسي والاصلاح السياسي فنحن نمسك بالوعد الملكي والضمانة الملكية لاجراء الانتخابات التي يُعّول عليها من خلال انجاز قانون الانتخابات الجديد..
كل الأمل ان تثبت هذه الحكومة انها أهل لاختيار الملك لها وهو يدرك انها لن تخذله بعد ان عجم عيدان كثيرة وبعد أن فتح كنانته واستنخى بها..لنمنح هذه الحكومة فرصتها لتعبر بنا جميعاً..ولنسلّفها وقف الانتقاد والترقية السلبية التي تستهدف تعطيلها ولنمحضها النقد نصيحة ما استطعنا ..ففشلها يعني الكثير ونجاحها يعني الكثير أيضاً وهو ما نريده ونعمل من أجله..