"وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد"

ظاهرة متفشية في العالم وهي قضية ليست مرتبطة بمكان او زمان بل هي مشكلة عالمية لا يكاد يخلو منها بلد مهما وصلت درجة حضارته او تطوره السياسي والاقتصادي غير ان شكله يختلف من بلد لآخر.باتت مشكلة الفساد ان تصبح مرض اجتماعي يهدد مجتمعات ودويلات ويؤدي ذلك الى فقدان ثقة شعوبها بحكامهم ورؤساءهم لان قيم العدل والمساواة والحرية والقيم الروحية والانسانية والاخلاقية تغيب تماما فنصبح نعيش في شرع الغاب وما ذم الله سبحانه وتعالى صفتين اكثر من الفساد والافساد قال تعالى( من الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام واذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد). وكان الفساد من الامور التي خشيت منها الملائكة منذ بدء الخليقة عند خلق آدم عليه السلام ( واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني اعلم ما لا تعلمون) وأخبرنا الله في كتابه العزيز ان اخطر انواع الفساد هو الفساد السياسي لانه ينشر انواع اخرى من الفساد كالفساد الاداري والاخلاقي والاقتصادي والاجتماعي ,وقد أشار القرآن الكريم الى الفساد السياسي في قصة فرعون زعيم المفسدين في الارض وعاث بها فسادا وافسادا حيث انه علا في الارض وطغى في البلاد وسن قوانين ليذبح الناس ويستحي النساء وينطبق هذا الكلام على الحكام العرب اليوم الذين يذبحون ابناء شعبهم ويستحيون نساءهم كالطاغية الاسد الفرعوني,وكذلك تحدث القرآن عن بنو اسرائيل الذين طغوا في الارض وعاثوا بها خرابا وفسادا منذ عهد الرسول وليومنا هذا وحتى يرث الله الارض وما عليها وقد وعد الله ان يسلط عليهم من يقهرهم ولو كانت الغلبة اليوم لهم. ومن اهم مظاهر الفساد السياسي عدم النزاهة والشفافية والسرقة والرشوة والمحسوبية والابتزاز والتزوير والاختلاس والنفاق ومسح الجوخ والكذب وهذا من شأنه ان ينعكس على اقتصاد البلد ويضعف مظاهر التنمية والازدهار. من المؤسف ان هؤلاء المفسدين ينكرون اعمالهم ويعتبرون ما يقومون به اصلاح ويدعون انهم مصلحون قال تعالى( واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون الا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)الفساد السياسي هو الذي يحجب الحريات والديموقراطية والشورى والشفافية والنزاهة . كثير من المفسدين يزينون لك انهم يقومون بالاصلاح وهم في الواقع مفسدين ويخدعون الناس انهم حماة حقيقة ودعاة اصلاح واصحاب مبادئ واخلاق وما هم بمصلحين قال تعالى( ام نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الارض ام نجعل المتقين كالفجار). نهى الله عن الفساد وجاءت آيات تحذير للمؤمنين ( ولا تعثوا في الارض مفسدين) وقد توعد الله المفسدين بعذاب شديد( والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به ان يوصل ويفسدون في الارض اولئك لهم اللعنة وسوء الدار).وحذر الله من الافساد في الارض لانها صفة المنافقين وكذلك ورد حديث عن أم المؤمنين زينب بنت جحش انها لما سمعت رسول الله يقول( لا اله الا الله , ويل للعرب من شر قد اقترب ,فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق باصبعه الابهام والتي تليها قالت له: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم اذا كثر الخبث)